رأي

خالد الجريف يكتب: ما بين الأحمدين و العشرتين و الرحيل المشهود

ما بين الأحمدين و العشرتين و الرحيل المشهود

خالد الجريف

(و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا)
عندما يكون الختام ميلادا جديدا، و مسكا يفوح و سيرة متداولة يطرب لها الناس، و يحمدها الحامدون ( و فى ذلك فاليتنافس المتنافسون) كان لابد للذين يكونون بمكان قريب ان يبينوا و يشرحوا ورب مبلغ اوعى من سامع بأخذه للاعتبار و كفى بالموت واعظا.
الأحمدين هما الشهيد د. أحمد بشير الحسن و شقيقه الأكبر (أحمد محمد) بشير الحسن، و هما من قرية كلى بمحافظة المتمة، و العشرتين هي الأوائل من ذى الحجة (و الفجر و ليالى عشر) و هي خير ايام الدنيا كما جاء فى السنة المطهرة و بعدها العشر الأواخر من رمضان و هي معلومة الفضل بليلة القدر.
الشهيد د. أحمد بشير الحسن الذى أتم حفظ القرآن بخلاوى الشيخ على بيتاي بهمشكوريب بشرق السودان و اختارها لبعدها عن ديار الأهل حتى لا يشغله شاغل من ظروفهم و أحوالهم. كان استشهاده حين نعاه الناعى مجاهدا فى سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا بمواقع العمليات فى طريق جوبا – ياي عند غابة التيك فى ١٩٩١/٦/١٦م و هو أول شهيد بالدفاع الشعبى كان ذلك فى العشرة الأوائل من ذى الحجة و فى هذه السانحة اقول عما رايته فيه فى أيامه الأخيرة قبل الفراق ازداد وجهه اشراقا و ضياء و نورا حتى ليكاد لوضاءته يجلو قطع الليل المظلم و كانت تمتلكه نشوة روحية ما شهدت ذلك فى غيره فى حياتى قط، نعم لقد خرج مجاهدا بذاته و كلياته و لم يترك خلفه شيء من عرض الزائل كان يحلق فى سماوات علوية قدسية…
و مواطن الأرواح يعظم شانها
فى النفس فوق مواطن الاجساد
وصفته لأخى عثمان الذى كان معنا حين ودعناه وهو فى طريقه للجهاد و لما طغى عليه من فرح كأنه مسافر إلى الجنة و ليس الجنوب الذى تعرفه، ووالدنا كان يعمل تاجرا بالمديرية الأستوائية مابين جوبا و مريدي عروس الجنوب، و اخى عثمان قضى بعض من طفولته و باكر شبابه هناك.

حدثنا الأستاذ عبد القادر محمد زين رفيق جهاد الشهيد و خله الوفى أنه قبل أن يخرج فى العملية التى استشهد فيها بأيام كان يحدثهم عن رؤياه الصالحة التى يشاهدها فى منامه انه يشتم رايحة طيبة لم يشم مثلها من قبل ابدا و كانوا يمازحونه هل تجد ريح الجنة؟ و لعلها هي كذلك، و كأنى بالشهيد كان يتلو (و عحلت إليك ربي لترضى)
اما شقيقه (أحمد محمد) بشير الحسن كان مسك ختامه فى المدينة المنورة فى العشر الأواخر من رمضان ١٤٢٣ه معتمرا و معتكفا بالحرم النبوي حيث فاضت روحه الطاهرة و هو ساجد سجود الركعة الثالثة لصلاة عصر الخميس ليلة الجمعة الأخيرة فى شهر الصوم و كأنى بها كانت ليلة القدر، و قبر بالبقيع. لقد حاز على شرف الزمان و المكان.
كان فى حياته الاجتماعية لزوما خدوما لمجتمعه يسعى فى قضى حوائج الناس ببشاشة و بشر تزين وجهه ابتسامة مشرقة و منيرة فى فيه، لقد كان يبذل جهده و يحث معارفه ليكونوا فى عون بعضهم البعض، قبل أن يغادر لأداء العمرة و حينها كان الأمين العام لنادى كلى الاجتماعي الثقافي الرياضي بالخرطوم قام بتسليم كل المستندات التى تخص النادى لنائبه، و عندما سئل انت ما جائى تانى؟ أجاب و من يدرى بما يخبئه القدر، و هذا يماثل ما فعله شقيقه الشهيد د. أحمد بشير، قبل أن يغادر للجهاد بمواقع العمليات كتب على دفتر شيكاته بعد أن استخرج آخر شيك منه براءة، و عندما ساله زميله المحاسب بالمكتب ما هذا يا شيخنا؟ أجاب براءة من الدنيا و ما فيها…
لقد طاب عمل الشقيقين فالقدمات السليمة بحسن التربية تفضى بنتائج باهرة و العبرة بالخواتيم اللهم ارزقنا جميعا حسن الخاتمة.
ما شاء الله أبناء الشيخ / بشير الحسن بشير هما بإذن الله تعالى من المصطفين الأخيار.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى