رأي

عميد شرطة (م) محمد ابو القاسم يكتب: العدالة يا رئيس الوزراء

*العدالة يا رئيس الوزراء*

*بقلم عميد شرطة (م) محمد ابو القاسم*
-الدولة القوية والناجحة هي الدولة التي تسخر كل قدراتها وإمكاناتها لتمكين مواطنيها من العيش الكريم ،وتلبية حاجاتهم ومتطلباتهم،و يكون هذا هو الهم الأساسي لحكومتها التي تخطط وتنتج سياسات عامة لتكون منهجا لإدارة شأن الدولة بواسطة المؤسسات التي تتولى إدارة شئونها وفقا للتخصصات المطلوبة. -والأجهزة العدلية في الدولة هي التي تعمل على إرساء العدالةو تحقيق سيادة القانون وتنفيذه بكل صرامة،فيستوي أمامها كل المواطنين غنيهم وفقيرهم. -والنيابةالعامة في جمهورية السودان هي جهاز مستقل في سلطته وفي أداء وظيفته،و تنعقد له سلطة فتح الدعوى الجنائية ومراقبة سيرها وسلطة التحري،وهي الجهاز المسئول قانونا عن حماية مواقف أطراف الدعوى الجنائيةوالإهتمام بكل الظروف ذات الصلة سواء كانت لصالح المتهم أو ضده ،أو هذا ما يقوله قانونها الصادر بمرسوم جمهوري مؤقت في ٢٠١٧م. -وفي ظل دولة القانون يظل اللجؤ للأجهزة المختصة لللبلاغ أو الشكوى حق يكفله الدستور، ويجب أن يشعر المواطن بأن أجهزة العدالة الجنائية في الدولة تعمل بجد في تقديم خدمة هي في الأساس حق كفله الدستور للمواطن. -ولعل قرار السيد وزير المالية بشأن فرض رسوم خدمات النيابة يأتي في إطار ولاية المالية على المال العام،ولكنه بالتأكيد بعد توصية من النائب العام ،وقد يكون السبب في ذلك هو السعي لتمكين النيابة من تقديم خدماتها بصورة أفضل. -وقد شمل القرار فرض رسوم على عدد من الخدمات المرتبطة بسير الدعوى الجنائية والتي تؤثر عليها مثل تصديق الضمانة،وتحريك الإجراءات،والحجز،ومخاطبة بعض الجهات ذات الصلة،واسترجاع بلاغ من المحكمة …. الخ،وبلا شك فإن إرتباط هذه الإجراءات برسوم مالية يؤثر على سير الدعوى الجنائية ويجعل المقدرة المالية عاملا مهما في تحقيق العدالة. -ولعل أسوأ ما في القرار أنه نص على أنه لا يجوز تخفيض أو إعفاء الرسوم لأي شخص،وهذا يعني أن السادة وكلاء النيابة حتى إذا توصلوا لقناعة بأن هنالك طرف متضرر من عدم إتخاذهم لأي قرار في الدعوى الجنائية بسبب الرسوم فلن تكون لهم الصلاحية والقدرة على تحقيق العدالة علما بأنها مهمتهم الأساسية. -مهمة الدولة في تحقيق العدالة وإقرارها يحب الا يرتبط بأي رسوم مهما كانت كثرت أو قلت،و فرض مثل هذه الرسوم يمكن أن يؤدي لنسف نظام العدالة الجنائية بالبلاد ويقود لعدم الإستقرار الأمني وذلك للآتي:- ١-حرمان المواطن من حقه في اللجؤ للجهات التي تكفل له الحماية القانونية يقوده للتفكير في طرق أخرى لحماية نفسه. ٢-عدم القدرة المالية للمتضررين يؤدي إلى تعطيل العدالة ومساعدة الجناة على الإفلات من العقوبة والتجريم. ٣-إرتباط تقديم خدمات النيابة بالقدرة المالية فيه تضييع لحق كفله الدستور وترسيخ لعدم المساواة أمام القانون مما يعد إنتهاكا واضحا لحقوق الإنسان ومدعاة لتدخل المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان. -وهذه الرسالة موجهة لك سيادة معالي رئيس الوزراء وقدأديت اليمين الدستورية وقبلت التكليف برئاسة الحكومة،فإذا كان من أولوياتك أن تهتم بتقديم الخدمات للمواطنين وتعمل على تسهيل عودتهم إلى البلاد من التهجير القسري ،فلتصدر أمر حاسم بإلغاء هذا القرار الخاص بفرض هذه الرسوم،حتى يتمكن المواطنون من ممارسة حقوقهم التي كفلها لهم القانون في ملاحقة مجرمي مليشيا الدعم السريع الذين أزهقوا الأرواح وهتكوا الأعراض ونهبوا الممتلكات وخربوا الدور والعقارات. -معالي السيد رئيس الوزراء وأنت تستعد لبناء مؤسسات الدولة يجب أن يكون إهتمامك الأكبر بأجهزة العدالة الجنائية، ولا شك إن تجربة النيابة التي بدأت في العام ٢٠١٥م تحتاج لتقييم علمي بواسطة الخبراء والمختصين من أهل القانون تمهيدا لاتخاذ القرار الصحيح بشأنها.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى