رأي

الفاتح داؤد يكتب : رغم حالة الممانعة هل نجحت مبادرة “اهل السودان”؟

في اخبار الخرطوم أن ثمة وساطة سياسية تنضج علي نار هادئة ، لاعادة ترتيب الأوراق السياسية التي بعثرتها رياح المفاصلة بين اطراف تحالف قوي الحرية والتغيير، وهي خطوة أولي لتطويق الأزمة السياسية بصورة شاملة.
ورغم سياج السرية الذي ضرب حول تفاصيل الاجتماعات ، لكن يبدو أن الهدف الاستراتيجي ذلك اللقاء، هو استقطاب العناصر القيادية الاكثر مرونة من داخل المعسكرين ،بغية التأثير في مواقف القيادات الأخرى من عملية الحوار. كما تسعي الوساطة الجديدة التي يقودها رجل الأعمال” النفيدي”،الي فتح مسارات جديدة قد تعبد الطريق أمام حل الأزمة ،من خلال العودة إلى الشراكة السابقة بعد تعديل الوثيقة الدستورية، لكن من يتوقع أن تصطدم هذه الرغبة بجدار الممانعة، من قبل طيف واسع من القوي المدنية التي ترفض العودة الي ماقبل الخامس والعشرين من أكتوبر، وفي حال تعذر تلك العودة ،ان بتطلع نادي رجال الأعمال ، الي تحريك بعض المبادرات الأخري بهدف كسر الجمود السياسي في الساحة . وهو ما بدأ واضحا في مساعي الالية الثلاثية التي أنخرطت في الاستماع لمقاربات القوى السياسية لحل الازمة ، لكن واضح أن حالة التشظي والانقسام التي ضربت القوى المدنية ،قد شلت قدرتها على الحركة و التفكير خارج الصندوق،ورغم رسائل المجتمع الدولي الذي بدأ قلقا من انحدار الاوضاع،ولذلك عمل اذرعه وآلياته نحو رأب الصدع بين الفرقاء، عبر سلسلة من اللقاءات التي قادها السفير السعودي ودبلوماسيين غربيين مع الفاعلين في المشهد. بهدف تحقيق اختراق في جدار الأزمة.
إلا أنه رغم الدعم والإسناد الدولي للآلية الثلاثية التي يقودها فولكر ،ظلت الآلية تبحث عن واجهة وطنية اكثر شمولا تستطيع استيعاب اكبر قطاع من السودانيين ، وتملك قدرا من القبول لاقناع المجموعات المتشاكسة للجلوس للحوار والتوافق علي تفاهمات تفضي الي تسوية لإدارة الفترة الانتقالية، وتمهد الطريق أمام اجراء انتخابات عامة، لذلك جاءت فكرة مبادرة نداء أهل السودان التي واجهت عاصفة من الانتقادات من قبل الممانعين ،لأسباب بنيوية وسياسية في هياكل واهداف المبادرة،لذالك لم تحظي بالإجماع الكافي،الذي يخدم عملية الحوار السياسي بسبب مقاطعة قوى الحرية و التغيير”الجناحين”و الشيوعي ولجان المقاومة، لذالك اجترحت الآلية الثلاثية فكرة تجميع مبادرات القوى سياسية ودراستها ثم تقديم رؤيتها للحل.
تأتي الخطوة بعد أن توصل المجتمع الدولى الي قناعة بضرورة الضغط علي المكون العسكري، لدفعه الي تقديم مبادرة سياسية جديدة، تمهد الطريق نحو الحل الذي يجعل الحوار قاصرا فقط على القوى المدنية. لكن المازق الحقيقي يكمن في تصدع القوى المدنية المنقسمة على نفسها، التي ترفض أي حوار فيما بينها.وبالتالي قد تحتاج إلي مبادرة هي الأخرى لتقريب وجهات النظر فيما بينها . و هو ماحدث بالفعل في منزل رجل الأعمال النفيدي، حيث قدمت القيادات السياسية التي شاركت في اللقاء حزمة من التنازلات التي قد تمهد الطريق للحل، لكن كيف يتم ذلك في ظل حالة الخلاف الحاد بين المجموعتين.
ان القوى السياسية التي حضرت ورشة المحاميين تبدو متفقة بعدم الشراكة مع العسكر، إلي جانب استعدادها علي إبرام تسوية سياسية دون شروط مسبقة . وانها ليس لديها مايمنع من أكمال مجموعة الميثاق والمركزي مشاريعها السياسية ،ثم طرح تلك المواثيق للحوار بينهما حول القضايا المختلف عليها، لكن واضح أن غياب الإرادة السياسية ربما ينسف هذه التفاهمات، ،اذ لازال خطاب التجريم والتخوين والتراشق الأعلامي هو سيد الموقف د ،دون رغبة لتقديم اي قدر من المرونة وابداء حسن نوايا لانجاح المبادرة، ولكن رغم ذلك هناك بصيص أمل يبد في الرسائل السياسية المرنة هنا وهناك ،. التي قد تمهد الطريق أمام عملية توسيع قاعدة المشاركة،مثل الدعوة إلى قبول مشاركة الاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي و عدد من القوى السياسية الأخرى التي شاركت في ورشة الدستور الانتقالي.
المؤكد تماما أن معايير المجتمع الدولي لنجاح أي تسوية ،هي مشاركة قوى الحرية و التغيير مجتمعة، لاعتقاده أنها تشكل القاعدة الأساسية لعملية التسوية المقبلة، عدا الحزب الشيوعي الذي لا يرغب في أي حل سياسي يجمعه مع القوى الأخرى. كما أنه يرغب في إطالة أمد الازمة،حتي يتكمن من استقطاب شباب لجان المقاومة،استعدادا لجولة أخري من المعارضة . كما يبدو المؤتمر الوطني زاهدا للمشاركة في هذه المرحلة ،بينما يراقب عن كثب ضمانات الوصول إلي صناديق الاقتراع ،
فيما يعتقد البعض أن الديمقراطية لا تؤسس بالشروط التي تحاول بعض القوي السياسية فرضها على الأخرين، بل تحتاج إلي قدر من المرونة من أجل الوصول لتوافق وطني عريض يقود الي انجاز التحول بصورة سلسة

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق