رأي

حيدر التوم خليفة يكتب: *هل انتقل العالم من اللاهوت الديني الى اللاهوت العلمي ؟*

*تأملات فلسفية*

*هل انتقل العالم من اللاهوت الديني الي اللاهوت العلمي ؟*

*ما بين الوجود المُتوهم .. والدين المصنوع* ..
*هل يشهد العالم بزوغ عصر وثنية العلم ..!!؟ (2)*

*حيدر التوم خليفة*

في الجزء الاول من هذه السلسة التأملية ، ناديت متسائلا .. *هل صمتت طبول المعرفة الفيضية العرفانية ، وناخ قرعُها داخل النفس* ، وهي تحاول الاحاطة بحقيقة الوجود خارجها ؟

وهل *تطاول العلم ( وجوديا) علي الدين* ، وحل محله في تقديم أجوبة شافية للورائيات ، وبزه بطرح *نموذج عملي* لحل أسئلة شكلت لب المشكل الديني الفلسفي ..؟

وهل تجاوز الامر الي الوصول *لحل المبهمات من ظواهر الوجود ومجاريه* ، التي لا تفسير لها ظاهريا ، مثل *السحر والمعجزة والكرامة ، وصارت من المُدرَكَات السائرة وفق قانون رياضي مُحكم* ، بعد أن تم *تأطيرها علميا* ضمن *نظرية العلم الكمومي ، وتحديدا علم ميكانيكا الجسيمات* ، الشئ الذي يعني *سقوط المعرفة الغيبية في فخ العلمية* أى *الانكشاف الكامل لتوصيفها البنائي* ( والغيب كما أراه هو *معلوم غير مُدرك لدينا* متى ما حصلنا قوانينه صار معلوما ) ، واعادة تفسير مخرجاتها رياضيا ، فلا شئ *يعلو علي الرقم ، لب الوجود* ، والذي هو *مطلوب اهل العرفان*، *وتمظهرات “الواحد” ومضاعفاته* ..

*والعرفانية هي طريق الصوفية ، وأهل المعرفة الجوانية التي تُنال ذوقياََ* ، لادراك المحرك الاول ، عبر *تفكيك الظاهر لحل طلسمات الباطن* ، وذلك بخوض تجربة *معرفية ذوقية*، لاستنكاه الوجود ، وسبر غوره كما هو *ديناميكياََ* ، وليس كما *يترجمه العقل الظاهري ميكانيكيا* ( وهو حالة كمومية تشابه ما نسميه اليوم بتجربة *عالم الميتافيرس ، وخلق الواقع الافتراضي*) …

لهذا يحق لنا أن نتساءل *إلي أين تقودنا التكنولوجيا ومنجزها الذي قلب حياة الانسان رأسا علي عقب ..؟*

وأين نقف الان بعد أن تنزلت الفيزياء بتقسيماتها المختلفة الي *منجزات محسوسة* ، يسهل إدراكها في تطبيقات *النانو تكنولوجي ، والحواسيب الكمومية* ، وبعد أن انتج هذا التنزل ولأول مرة *إثباتات “تطبيقية عملية” لنظريات وفرضيات “علمية”* ، كان من الصعب التأكد منها وتطبيقها علي ارض الواقع ، وهذا أمر يمكن تقصيه في تجارب *سيرن ، او معجل الهايدرونات ، المعروف أيضا بمصادم الجسيمات الكبير* ، التابع للمنظة الاوروبية للابحاث النووية ، ومنها أخذ إسمه *CERN* ، والذي تمثلت أهم إنجازاته ، في إثباته صحة فرضية العالم الكبير بيتر هيغز وصاحبيه براوت وانغلرت ، حول فيزياء الجسيمات ، *ووجود بوزون او جسيم هيغز المعروف بجسيم الرب ، وهو الجسيم اللاحم بين قوي المادة المكونة لكتلتها* ..

إضافة الي قيام القائمين عليه بتجاوز المعقول في تجاربهم ، وتخطي المخاطر الناتجة عن ذلك *التجاوز معرفياََ واخلاقياََ* ، ويتبدي ذلك في سعيهم لفتح بوابات *بعدية وزمنية* ، للإتصال بالعوالم الاخري ، رغما عن تنبيه العديد من اهل الفيزياء والعلماء الكبار ، امثال *العالم البريطاني ستيفن هوكينغ* ، لهكذا خطوات (خاصة تجارب اعادة تمثيل الانفجار الكبير في داخل المعجل) ، وهو أمر قد يبدو محيرا ، ولكن هذه الحيرة سوف تزول اذا عرفنا ان هذه المؤسسة العلمية الضخمة ، بمعجلها للجسيمات الذي يمتد لمسافة ٢٧ كيلومترا طولا ، ويغوص تحت الارض عميقا ، قد نصبت أمام مدخلها تمثالا *لاله الدمار الهندي شيفا ، بل جعلته شعارا لها* !!! إنها الإعلان المبهرج عن *الوثنية العلمية* وبزوغ *نجم مرحلة تأليهِ العِلم* ..!!

فهل تتحقق مخاوف هوكينج وفحوي مخاطبته لعلماء سيرن ، من أن تجاربهم سوف تؤدي الي خلق *ثقب اسود يبتلع الارض* وما عليها ، محذرا لهم وواصفاََ إياهم بالرجال الذين يريدون لعب *دور الإله* ..

فهل نحن امام *وثنية علمية جديدة ، تمهد لنوع مستحدث من العبادة والعبودية …؟*

وهل سيشهد العالم قيام *نظام ديني وثني عالمي موازي يرتكز علي العلم ..؟*

وهل نشهد بزوغ *عصر اللاهوت العلمي وحلول الإكليروس العلمي محل الاكليروس الكهنوتي الديني ..؟*

وهل خرجت البشرية من *سيطرة الدين ورجاله ، ووقعت تحت سيطرة العلم ورجاله ببزوغ عصر دين العلم ..؟*

وهل العقل البشري موعود بأن *يُحكم بثيوقراطية علمية بدلا عن ثيوقراطية دينية ..؟*
أي هل إستبدلنا *سيدا بسيد ، وإلها بإله ؟*

وبالتالي هل سيشهد العالم ، *تجارا للعلم كما شهد تجارا للدين علي مر العصور ..؟*

إن الاختلاف بين الاثنين *هو إختلاف درجة* ، *وصك رجل الدين ، سوف يقوم لاحقا رجل العلم بصرفه لك* ..!!

فإن *جنة رجل الدين الموعودة ، سوف يحققها لك رجل العلم* ( راجع تجارب ومشاريع شركة ميتا المالكة لتطبيقي واتساب وفيسبوك حول هذا الامر ، وتحديدا *شخصنة العالم ، وامتلاكه افتراضيا* ، اي الواقع الذي لا يشاركك فيه أحد ، فهو ناتج عن رغباتك الداخلية ، وتصوراتك .. ) ..

بالأمس قرأت خبرا ، لطرافته اضحكني جدا ، ولكنه دفعني للتفكير في كيف يتم *توثين العلم* ، وكيف يعمل الكهنوت العلمي جاهدا للتجارة بالمقدس ..

فقد ذكرت إحدي الفتيات ، انها عثرت علي اعلان صادر عن إحدي الشركات حول توفر ماء زمزم لديهم ، فإتصلت بهم لمعرفة التفاصيل حول تاريخ إحضاره من الاراضي المقدسة ، حيث نبع زمزم ، وعن تاريخ صلاحيته ، وكانت المفاجأة ان ردت عليها إحدي الفتيات العاملات في توزيع الماء المقدس ، بأن هذا الماء يتم تصنيعه هنا ولكن بنفس مواصفات ماء زمزم …

تأمل هذا الحدث !! حتي ولو إفترضنا عدم صحة جزء منه ، الا انه مؤشر علي بزوغ عصر الدين العلمي ، فبداياته تشابه تماما *مُبشِرات النبوة المصاحبة لسطوع دين جديد* …

ولا ننسي أنه وعلي مر التاريخ كانت التجارة بالمقدس هي اربح التجارات ، وذلك منذ ان *حادت الانسانية عن طريق العقل ، وتنكبت طريقَ السحرِ* ، بحثا عن *أجوبةِِ مُشبعةِِ لاسئلةِِ وجودية مُلِحة* ، الامر الذي ادي الي بزوغ عهد سيطرة “الغائب” علي مُجريات الواقع ..

ولكن المُحيٌر هنا هو تبدل الادوار ، فقد كان اهل الطلاسم وأدعياء علم الباطن ، هم من يستغلون جهل الاخرين للتربح من تجارة المقدس ، ولكن نحن هنا امام حالة ، عمد فيها اهل العلم لاستغلال جهل الاخرين للتربح من العلم بعد ان البسوه ثوب المقدس ..!!!

وهو ما عنيته بالمؤشرات بحلول عصر *توثين العلم* ..

*والمعرفة الذوقية* ، هي مُتحصل معارف أهل العرفان *جودا او مجهودا* ، أي ما نحصله ببذل المجهود ( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ، او *المنفوحة جودا* ، وهو عطاء الجود الرباني ( وعلمناه من لدنا علما) ..

وهو أمرُُ اري فيه سعيا ومثابرة من العقل البشري للاطلال علي *العلم الكمومي واسراره بمنهج الحدس* ، وليس الرقم ، لقصور أدوات العقل وضعف منتجه المعرفي التراكمي قبلا ، وتثبيت *طيف الحقيقة مكانه* ، فإنتقل الوجود برمته من *المحسوس المُدرك ، الي الوهمِ المُستحدث* .. أي صار الوجود بكلياته سلسالا متدافعا من *الوهم الكذوب المتجسد* ، مثل أفلام الرسوم المتحركة ..

أوردت ما سبق ، لتوضيح أن الدين ومع أن *تنزيله وكينونته الهية ، اي كامل معصوم* ، إلا أن الفعل الإنساني قد أعاد *تشكيله خلال خطه التطوري* ، وكوٌن له مؤسسات متكامة *وأكليروس إنتفاعي ، وطبقة كهنوتية ميزت نفسها وحصنتها بالحق الإلهي ، والعطاء المقدس* ، واستولت تماما علي السلطة الدينية تحكماََ في رقاب الناس ، وامتدت يدها الي السلطة الزمنية تخريبا ، وبدأت في مصادرتها وتسخيرها لصالحها ، عاملة على *الاستيلاء الكامل علي الوعي الانساني بضفتيه ، المقدس والمدنس ..*

هكذا كانت الكنيسة منذ نشأتها وحتي اليوم ، وقبلها مجامع اليهود وأحبارهم ، ومعابد الرهبان في كل الاديان الروحية ، وهو عين ما فعلته تنظيمات الاسلام المذهبي الفقهي وحركاته السياسية علي مر القرون ..

وذاك أمر يمكن مشاهدته عمليا ، في التاريخ الاسلامي الدامي ، الملئ بالصراعات ، منذ عهد *السقيفة التي عمدت الي تثبيت خط الحكم* ، وما نتج عنها من ترسيم الخط الاول للتقسيم المذهبي اللاحق ( سنة وشيعة) ، ومتبوعات أحداث جماعات رفض *اداء الزكاة التي سميت بأحداث الردة* ، وهي التي بزغت في بدايات عهد الخليفة الاول لأسباب قد تكون بعيدة عن ما عُرِفت به او حتي ما سُمِيت به ، وتأويلات الموقف منهم ، كما يمكن مشاهدته في الواقع الفكري المؤطر لهذه الحركات حديثا ، منذ *الامام الماوردي في أحكامه السلطانية* ، حتي *المودودي في حاكميته* ، وسيد قطب لاحقا في *جاهليته التكفيرية* ، وتفرعات ذلك قبلا ، عند الشيخ *حسن البنا وبنائه التنظيمي لحركة الاسلام السياسي* ، *ومحمد بن عبدالوهاب في تشدداته الفقهية* ، التي ادت الي بزوغ *مدرسة التسلُف* ، القائمة علي *حديثية الامام احمد في بنائها الفقهي ، وإبن تيمية في افقها العقائدي* ، وحديثا عند اصحاب التجارب *”العملية” لتنزيل الفقه السياسي الاسلامي علي ارض الواقع، نظاما وحكما ، لدي الشيخين الترابي والغنوشي* ، وما بينهما من مفكري ومنظري الاسلام السياسي ، اصحاب الاعتدال منهم ، واهل الغلو والتكفير ، والذين لا يتسع المجال لذكرهم ..

فدخل الدين معترك السياسة المتقلبة ، *مثقوبا بتجاوزاتها الاخلاقية* ، التي لا *تنميط لها غير المصلحة والانتفاع* ، وليس *قيمة العدل وميزانه* ، ولو كان ذلك مفارقا لجوهر الدين وغاياته ..

فصار الدين ، بحواشيه الجديدة ، وتوصيات الادعياء وأحكامهم القطعية الغير قابلة للنقاش والمراجعة ، *تلك النافحة عن وكلاء الله الموقعين عنه زورا ، صناعة بشرية تخضع لمصالحهم* ، وتتوافق مع ارائهم وتفسيراتهم ولو كانت بعيدة عن مقاصده الخيٌِرة ، متجاوزة لواقع وبيئة الإنسان ، وتعقيداتها المتعددة ومساراتها المتعرجة ..

إن أكبر ضرر اصاب الاديان هو جهل العوام بخوافيه ، وإستغلال من يسمونهم باهل الدين لهذا الجهل وتوظيفه لصالحهم ..

ونظرة واحدة الي أرفف مكتبة المحصول الديني تدهشك حقا ، فكيف *تراكم كل هذا المنتوج المعرفي التراثي والحداثي* علي مر السنين ، واضعا بصمة *بشرية واضحة علي خارطة الدين* ، مؤكدا لمقولتنا في انه صناعة *بشرية في لباسه المتضخم وحواشيه المنتخفة* ، وإن لم تكن في قباساته الالهية ، ففي جسده المتنامي الذي غذاه الاجتهاد البشري المتعاظم ، *والاجتهاد هو إعمال العقل في النص* ، اي محاولة فهم وتفسير الهدف الالهي اللامتناهي ، بحجيات بشرية متناهية محدودة ، والعجيب ان معظم هذه الفهوم ومنتوجها التفسيري يضعها اصحابها في خانة القبول الجبري من الاخرين بها ، لايمانهم بأنها الحق الكامل الذي لا حق ولا صواب سواه ، ومن هنا ظهر التنطع ، وبان التشدد ، الذي مهد للغلو باسم الحق الالهي ، وتمت *محاصرة كلام الله وأحكامه بمنتوج فكري بشري محدود* ، بل ازاحة كلام الله والتمهيد لعلو كلام البشر القاصر عليه ، منذ ان أفتي يحي بن كثير ومكحول والاوزاعي ، والشافعي بسيادة السنة ، وانها *قاضية علي القران* ، مستتبعين طرق الحاخامات اليهود ، *ممهدين لظهور تلمود اسلامي جديد حل محل القران* ، كما حل تلمود اليهود قبلا محل التوراة .. فسادت قدسية كلام البشر وعلت ، في ذات الوقت الذي أزيح فيه كتاب الله ، *ووضع علي الرف حِليةََ* ، يتم نفض الغبار عنه ، عند الحاجة اليه تلاوة علي روح ميت غادر ، عله يُخفِف عنه مصبوب العذاب ، او استعانة واستطبابا لمريض مُحتضر يكون له شفاءََ من علة مميتة، أو صارفاََ لمرض مُقيم .. وهو شئ نجيده ، فكما رفعناه حِيلة علي اسنة الرماح طلبا لتحكيم ظالم قاد الي منح مُلك منتحل جائر إغتصابا بالغفلة ، فها نحن نضعه زينةََ وتحفةََ وحِليةََ علي ارفف المنازل الخاوية من نوره ..

هذا الأمر جعل من الدين حالة إنسانية متأرجحة صعودا وهبوطا ، علوا ودنوا ، في تلاقح وصراع مع هذا الوضع وافرازاته ، مما جعله عرضة للمصادمة مع بعض مكونات الواقع الإنساني … ونجد أن اعمق مواجهاته ، (موافقة ومفارقة ) كانت مع *العلم في خطه التطوري* ..

والعلم هو إحدي *فواعيل هذا الواقع* … لهذا من المؤكد أن يتأثر الدين به سلبا وايجابا …

ولأن العلم *حقائق ثبوتية ، وقوانين رياضية ، تقوم حجيته علي النواميس الكونية وصدقيتها ، فهو أقرب إلي القبول العقلي* ..

أما الدين في ادبياته وحواشيه البشرية المتضخمة ، عبارة عن *مقالات افتراضية تستمد صدقيتها من الإيمان الغيبي ، والتسليم المطلق ، فهو أقرب إلي القبول القلبي المطمئن* .. (صراع أو تكامل العقل والنفس)

ولاختلاف درجة الثبات بين العلم والدين ، فنحن دائما ما نجد أن الدين يطارد العلم لإثبات وجوده .. مع أن المنطق يقول *بتطابق صحيح المنقول مع صريح المعقول وبترادف الوحي والعقل* …

والدين في كلياته *وجوهره هو الاسلام* .. ولا أعني به الإسلام المحمدي .. ولكن *الاسلام الوجودي الفطري* الذي يشمل الكون كله ..

﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾.

“كل ابن آدم يولد على الفطرة”

وما دون ذلك شرائع ومناهج .. تحوي سلة العبادات وحاوية المعاملات .. ومنها نشأ الفقه .. ومن *تعدد الفهوم نشأت المذاهب* .. ومن النفس البشرية ونقصها تغذت الاختلافات والنزاعات والحروب ..

ولأن *الدين ثابت وفهمه متحرك* .. انكشف الدين أمام النقد والنفي .. فلم *يفرق الناس بين الدين وفهم الدين* ..

*الدين كامل .. وفهمه ناقص* لهذا فهو يحتاج الي *التطور في بنيته المقاصدية،*، ليلاحق التغيير الحادث للواقع ، وحاجته للتناغم مع هذا الواقع .. لأن من *مقاصد الدين قضاء حوائج الناس من قاعدة العدل* ..

واذا تخلف فهم الناس لهذا الواقع أو تأخروا عن اللحاق به (تشريعا ) ، أُعتُبِر الدين متخلفا لانه لا يستجيب لمطلوبات الحاضر الماثل .. مع أن المتخلف هو الفهم للدين ( العامل المتحرك)وليس الدين ( الثابت ) … وذلك *لجمود من يُسمون بعلماء الدين وتعميتهم للمقاصد* .. ومساواة *النص المطلق برؤيتهم البشريه النسبيه* للدين القائمه علي فهومهم الناقصة والمعتله ، والتي خطوها اراءََ اكسبوها صفات القداسة والديمومه والاستمرارية والمنشأ الرباني.. فانزلوها مكان الحق ، وصاروا زورا وبهتانا لله حالا ولسانا …
أصبحوا هم *وكلاء الله في الأرض الموقعون عنه* .. وقام *الناقص مقام الكامل* .. يشد من عضدهم دائما سلطان جائر وترغيب دنيوي .. فنتج عن ذلك تلبيس وتدليس.. وفقد الدين ثباته .. لأن الفهوم *الناقصة ونواتجها صارت هي الدين،*.. وتساوي فهم الناس للدين بالدين حتي غدا شيئا واحدا لا فصل بينهما …

وهنا كانت المأساة .. فصارت *عيوب العقول المتخلفه عن الواقع ، والعاجزة عن تقديم حلول له ، تنسحب علي الدين* .. وبالتالي صار الدين عاجزا متخلفا .

فلا مجال الا *بشرنة هؤلاء العلماء ، ونزع التقديس عنهم* ، وعن منتجهم الفقهي ، فلسنا بحاجة الي أصنام تُعبد ، ولا بد من انزالهم منازل البشر العاديين، والتوجه الي تراثهم ( الحاكم للعقل المسلم اليوم) *تمحيصا ونقدا وتوجيها وتصويبا*، سعيا *لفصل النص الالهي عن فهمه البشري ، وفقا لمقاصدية الدين العامة ، وخصوصية النص الحُكمية* ..

واذا لم يتم هذا فسوف يظل الدين متخلفا عن العلم ليس بخطوة ولكن بآلاف الخطوات ..
وما دام التجديد المثمر ، غائبا سوف يظل العلم يمثل تحديا للدين موروثا وفهما ..

والمؤكد ان العلم سوف يقدم خدمة جليلة للدين الحق ، لانه سوف يطيح *بدين الفقهاء وموروثهم المصنوع* ، وسوف يبقى الدين الالهي نوراََ ناصعا صامدا لانه حوجة بشريه فطرية ..

فمتي نري علماءََ متمردين يشقون عصا الطاعة علي *شجرة الاكليروس الملعونة* ، ويحررون العقل من سيطرته المقدسة المزورة ، ووصايته الأبوية المدعاة ، من منطلق لا *وصاية لعقل علي عقل* ، *ولا احتكار* لفهم الدين أو تكسب منه ، *ولا اعتراف* أو تكريس لكهانة بغيضة متمثلة في منصب اسمه رجل دين ، (والإسلام منه برئ ) *ولا قدسية* لممارسات كهنوتية مستجلبة ، أو صكوك غفران مبذولة ، أو شهادات حسن تدين واخلاق ، تصدر من شخص فاقدهما ، فهؤلاء جلهم يمثل *شخصية “تارتوف” ، رجل الدين الفاسد* ، وصورة لتجار دين مفارقين .. سوف يتجاوزهم التاريخ المتراكب ، وسيرديهم الصعود التكنولوجي المتلاحق ..

فهذا أو الطوفان ..
فالعلم يكشر عن أنيابه ، وميكانيكا الكم تقدم كل يوم فهما جديدا للكون ، وتنقل الواقع من *شئ الي لاشئ* ، ومن *محسوس الي متوهم* ، ومن *حقيقي الي افتراضي*.. وتنادي حينا .. *وجودنا محض وهم* ..
وحينا اخر تعلن أننا نعيش في *عالم افتراضي* ..
وتصرح تارة نحن *نزلاء جهاز محاكاة* ..
وتصرخ تارة اخري نحن نعيش في *جهاز هولوجرامي* كبير ..

افيقوا يا هؤلاء ، قبل ان يعصف العلم بالدين المصنوع ، فقبل ايام أعلن العلماء نجاحهم في *استخلاص المادة من العدم* ، وقدم أحدهم ، وقد استحق جائزة نوبل في الفيزياء نظير ما قدم من خيال علمي ممنطق ، ممثلا في *نظرية التشابك الكمي* ، فإشتعلت العقول شيبا من هول نتائجها ومازال الاشتعال يزداد توهجا ..

وهذ يعني اننا مقبلون علي مرحلة عظيمة مهولة ، مليئة بما لا يمكن *تخيله او حتي تحمٌُله* ، واعظم ما تحويه هو *أعاجيب الفيزياء ، وآلاعيب السحرة* الجدد من *علماء المعامل ، وأنبياء التكنولوجيا* ، فترة سوف تُنقُض فيها عروة عروة التعريفات القديمة التي قام عليها الدين وإرتكز ، والتي سار بها الغيب المعلوم ، وساد بها السحر والمعجزة والكرامة دهرا طويلا ، وتربعت فيها حكاوي العواجيز من يتامي الفكر وانصار الميثي ما شاء لها ان تعيش ، والتي سوف تتهاوي تحت ضربات العلم بعد أن يقوم *بتقننتها وتأطيرها علميا ، فالرقم حاكم كل شئ* …

وبعد أن يستبين أن *الوجود مجرد اختلاف للاصطفاف الرقمي* ، للواحد والصفر ، حيث *الواحد هو الوجود والصفر هو العدم* ، والواحد تأكيدا وبديهة هو الله ، وما غيره هو *تمظهراته في تقلباته وفيوضاته واصطفافاته المتعددة اللامتناهية* ..

*والرقم هو الفيض المنظور* .. وليس في الكون غير *الواحد الثابت* في تخفيه ، *والواحد المتكرر* في تجليه .. هذا *مكتوم الوحي ، ومنطوق العلم* ومن يقول بغير ذلك فليبرز سنده، وليطرح حجته ..

والله من وراء القصد

*حيدر التوم خليفة*

الخرطوم في يوم ما …

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق