أخبار

السودان يحتفي بحفظة القرآن: والي النيل الأبيض يطلق مبادرات غير مسبوقة في كرنفال جائزة الإمام المهدي

السودان يحتفي بحفظة القرآن: والي النيل الأبيض يطلق مبادرات غير مسبوقة في كرنفال جائزة الإمام المهدي

في مشهد مهيب يفيض بالإيمان والروحانية، شهدت ولاية النيل الأبيض حدثًا استثنائيًا جمع بين التنافس الشريف، والتكريم الرفيع، والدعم الحكومي المباشر لحفظة كتاب الله، وذلك خلال ختام منافسات النسخة الأولى من جائزة الإمام المهدي لحفظ القرآن الكريم التي نظمتها جمعية القرآن الكريم بالولاية. الحدث الذي احتضنته قاعة جمعية القرآن الكريم بمدينة ربك، تحوّل إلى كرنفال دعوي وتربوي، حضره جمع غفير من القيادات الرسمية والدعوية والشعبية، يتقدمهم والي الولاية الفريق الركن قمر الدين محمد فضل المولى، الذي ألقى خطابًا مؤثرًا حمل رسائل قوية في دعم القرآن الكريم وحفظته، وفتح آفاقًا جديدة أمامهم في ميادين الحياة العامة.

*دعوة للتمسك بالقرآن: مصدر القوة والوحدة*

في مستهل كلمته، شدد والي النيل الأبيض على أهمية التمسك بالقرآن الكريم، واصفًا إياه بأنه “مصدر قوتنا ووحدتنا”، ومؤكدًا أن حفظة القرآن هم “الفائزون الحقيقيون في الدنيا والآخرة”. وأضاف أن السودان، رغم التحديات، لن ينهزم طالما أن أهل القرآن يرفعون أكف الدعاء ويضيئون دروب الأمة بنور الكتاب الكريم.

*تكريم استثنائي للفائزين: حج ومبادرات تنموية*

في خطوة غير مسبوقة، أعلن الوالي عن تبرعه بثلاث فرص حج للفائزين الأوائل في الجائزة وأمهاتهم، لموسم حج عام 1447هـ، في لفتة إنسانية تعكس تقدير الدولة لحفظة القرآن الكريم. كما وجه وزارة المالية بشراء عربة جديدة لأمين جمعية القرآن الكريم، وأصدر توجيهات بإنارة مراكز الجمعية في المناطق التي تفتقر للكهرباء، عبر الطاقة الشمسية، مما يعزز من قدرة هذه المراكز على مواصلة رسالتها التعليمية والدعوية.

ولم يتوقف الدعم عند هذا الحد، بل أعلن الوالي عن رعايته الكاملة لجمعية القرآن الكريم وأنشطتها المختلفة، مؤكدًا أن الحكومة ستظل سندًا لكل من يخدم القرآن وأهله، وأن حفظة القرآن سيحظون بالأولوية في التوظيف، حيث وجه لجنة الاختيار للخدمة العامة بمنحهم الأفضلية في التعيينات الحكومية.

*حضور نوعي ومشاركة واسعة*

الفعالية شهدت حضورًا نوعيًا لافتًا، ضم قيادات من حكومة الولاية، وممثلين عن الأجهزة الأمنية، ورؤساء المؤسسات الدعوية، والمشايخ، وحفظة القرآن، إلى جانب الأستاذ عبد الرحمن ساتي، أمين أمانة الولايات بجمعية القرآن الكريم، والشيخ موسى محمد علي أبو الريش، أمين الجمعية بالولاية.

وفي كلمته، هنّأ الأستاذ ساتي جمعية النيل الأبيض على التنظيم المتميز، وأعلن عن اعتماد الفائزين في هذه الجائزة للمشاركة في جائزة الخرطوم لتحفيظ القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن عدد المشاركين في النسخة الأولى من جائزة الإمام المهدي تجاوز عدد المشاركين في النسخة الأولى من جائزة الخرطوم الدولية، وهو ما يعكس الحراك القرآني المتصاعد في ولاية النيل الأبيض.

كما أشاد بالدعم الكبير الذي قدمته حكومة الولاية للجمعية، مؤكدًا أن نشاط الجمعية في مجال التحفيظ خلال الفترة الأخيرة كان أكثر عطاءً من فترات ما قبل الحرب، وهو ما يعكس صمود المجتمع السوداني وتمسكه بالقيم الدينية رغم التحديات.

*دور الجمعية في دعم القوات المسلحة بالدعاء*

من جانبه، استعرض الشيخ موسى محمد علي أبو الريش أنشطة الجمعية في تحفيظ القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن مراكز الجمعية منتشرة في جميع محليات الولاية، وتؤدي دورًا محوريًا في التربية الروحية والدينية. وأضاف أن الجمعية لعبت دورًا كبيرًا في معركة الكرامة، من خلال إسناد القوات المسلحة بسلاح الدعاء والتضرع في خلاوي القرآن الكريم، مؤكدًا أن الدعاء كان أحد أسلحة النصر المعنوي في مواجهة التحديات الوطنية.

وأوضح أبو الريش أن الجائزة شهدت مشاركة أكثر من 15 ألف متسابق، بدأت منافساتهم من الخلاوي ومراكز التحفيظ، مرورًا بالوحدات الإدارية والمحليات، وصولًا إلى التصعيد الولائي، مما يعكس حجم الاهتمام المجتمعي بالقرآن الكريم، ويؤكد أن حفظه لم يعد مجرد نشاط ديني، بل أصبح مشروعًا وطنيًا متكاملًا.

*السودان والقرآن: علاقة أزلية تتجدد*

الحدث لم يكن مجرد مسابقة، بل كان تجسيدًا حيًا لعلاقة السودان التاريخية بالقرآن الكريم، تلك العلاقة التي شكلت وجدان الأمة السودانية، وأسهمت في بناء الشخصية الوطنية على أسس من الإيمان والتسامح والكرامة. والي النيل الأبيض، في خطابه، أعاد التأكيد على أن السودان لن ينهزم، وأن النصر قادم بدعاء أهل القرآن وخاصته، وهي رسالة تحمل في طياتها الأمل والثقة في مستقبل أكثر إشراقًا.

*نحو مستقبل قرآني مشرق*

جائزة الإمام المهدي لحفظ القرآن الكريم، في نسختها الأولى، نجحت في أن تكون أكثر من مجرد منافسة، بل تحولت إلى منصة وطنية لتكريم حفظة القرآن، وتعزيز مكانتهم في المجتمع، وربطهم بمراكز القرار، وتوفير الدعم اللازم لهم لمواصلة رسالتهم. كما أنها فتحت الباب أمام مبادرات تنموية ترتبط بالقرآن الكريم، مثل الإنارة بالطاقة الشمسية، وتوفير وسائل النقل، وتقديم فرص الحج، وهي خطوات تعكس رؤية استراتيجية لجعل القرآن الكريم محورًا للتنمية والنهضة.

*القرآن في قلب السودان*

في زمن تتعدد فيه التحديات، يثبت السودان مرة أخرى أن القرآن الكريم هو بوصلته الأخلاقية والروحية، وأن حفظته هم جنود النور الذين يقودون الأمة نحو النصر. والي النيل الأبيض، بخطابه ومبادراته، أعاد الاعتبار لحفظة القرآن، وفتح أمامهم أبوابًا جديدة من التقدير والدعم، ليبقى السودان بلد القرآن، وأهله في مقدمة الركب، يحملون مشاعل الهداية في دروب الحياة.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى