رأي

د. بابكر عبد الله محمد يكتب: ( نحو منهجيات قاصدة لتجديد الفكر الاسلامي )) مراجعة و نقد موضوعي للصوفية والتصوف في السودان (( ٦ )) منظور المكون البنيوي العضوي وتشكيله لنقد الطريقة التيجانية

بسم الله الرحمن الرحيم
(( نحو منهجيات قاصدة لتجديد الفكر الاسلامي ))
مراجعة و نقد موضوعي للصوفية والتصوف في السودان (( ٦ )) منظور المكون البنيوي العضوي وتشكيله لنقد الطريقة التيجانية
المنشور الثامن
السبت ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤م
مواصلة للمنشورات السابقة حول بناء منهج سليم للتصوف ما زلنا في تناول هذا الموضوع الهام في ظل غياب منهج ومبادئ أساسية يرتكز عليها التصوف في الإسلام والسودان . ونتناول في هذا المنشور التشكيل البنيوي للطريقة التيجانية في المغرب العربي وغرب افريقيا .واثر الحكام والدول ووقوعها في أيدي سلطات الدول واستخدامها كاداة لتحقيق مطلوبات محددة .
ان شيخ الطريقة التيجانية احمد بن محمد التيجاني ولد ونشأ ولد عام 1150هجرية الموافق 1737ميلادية ونشا بقرية عين ماضي الجزائرية مقر أسلافه. حفظ القرآن حفظاً جيداً وهو ابن سبع سنوات من رواية الإمام (ورش ) تلميذ الإمام نافع بن أبي نعيم على يد المقرئ محمد بن حمو التجاني الماضوى الذي تتلمذ بدوره في حفظ القرآن وقراءته على شيخه عيسى بوعكاز الماضوى التجاني..وذكرت بعض المصادر انه مع ازدياد نفوذه في الجزائر اضافة الي حكم و نفوذ الدولة العثمانية ونتيجة للضغوط التي نشات ومورست علي الطريقة واتباعها اضطر مع بعض من أفراد.اسرته الي الخروج مضطرا الي المغرب وعاش في فاس ودفن فيها وله ضريح ومسيد عامر بمدينة فاس…وهو شئ يعتبر طبيعيا نتيجة لحركات التصوف التي ظهرت من قبل ومن بعد.ذلك وارتباطها بالتحرر من قبضة المستعمر وتشكلها كقوي دينية جهادية حملت السلاح ضد المستعمر كالحركة السنوسية وبروز المجاهد / عمر المختار في ليبيا واثره علي الجزائر ..والثورة المهدية في السودان وغيرها من حركات التصوف في افريقيا والشمال الافريقي بصورة خاصة ..وعندما اجبر علي الهجرة الي المغرب .هناك كثر مريدوه في المغرب بصورة كبيرة للغاية واحتضنته حكومة المملكة المغربية وصار من المقربين للملك والحكومة بالمغرب ..لقد مثل الخروج الاضطراري للسادة التيجانية مزاجا يحتاج لدراسة وبحث عميق في الاثار التي ترتبت علي خروجه من عين ماضي في الجزائر الي بيئة مغاربية جديدة بينما اندمج باقي افراد.العائلة وبقوا في عين ماضي وفقا لاشتراطات ومحددات البقاء هناك في الجزائر .وما زالت للميشخة التيجانية تواجدا في عين ماضي ولها علاقات متواصله مع السادة التيجانية في غرب افريقيا وخاصة في السنغال والتي لها تواجد ممتاز واتباع بلغ عددهم اكثر من تسعة ملايين مريد ..وحتي في السودان لها أتباع ومريدين كثر ومن مختلف قبائل دارفور وحتي تواجد للطريقة التيجانية في وسط السودان ولهم مشيخة علم راسخ معروفة وسامية تمثلت في مشيجة المجاذيب في الدامر .وامتدت حتي في مناطق جنوب النيل الازرق ( خلاوي مبروكة ) .وتذكر المصادر ان ثمة خلافات حدثت مابين مشيخة السودان للتيجانية عام ١٩٧٨م وعملت ميشيخة عين ماضي علي حل النزاع …واخر تعاطي السادة التيجانية مع ازمات السودان خلال اندلاع التمرد في دارفور عام ٢٠٠١م وتزامن ذلك مع الفظائع التي ارتكبتها قوات حرس الحدود بقيادة موسي هلال مع حركات دارفور المسلحة والمطلبية العادلة ..ولما لم تستطع قوات حرس الحدود بقيادة موسي هلال بن عم حميدتي في استعادة الامن في دارفور استبدلت الحكومة في المركز قوات حرس الحدود واستبدلتها بقوات الدعم السريع ..
ولقد قام الخليفة للطريقة التيجانية من عين ماضي بزيارة للسودان وزار فيها مناطق النزاع في شمال دارفور لنزع فتيل الازمة وتمرد بعض الحركات المسلحة المطلبية وكانت الزيارة بغرض اصلاح ذات البين بين الجهات المتخاصمة …مما يدلل ان الطريقة التيجانية بالجزائر لها مردود وتفاعل ايجابي مع ما يدور في السودان …وعطفا علي هذا المنحي دعونا نركز مرة اخري علي التشكيل البنيوي للطريقة التيجانية في المغرب واثره علي النزاع الدائر في دول غرب افريقيا بما فيها ما يدور في السودان وحرب شرسة للغاية احد اهدافها الاستراتيجية توطين عرب الشتات في السودان .
وعلي ضوء ذلك يجب ان يتم استدعاء بعض المعلومات الهامة والتي تضج بها المواقع الاسفيرية وشبكة المعلومات الواسعة النطاق ومتاحة للجميع وفيها العديد من البحوث العلمية المنشورة عن التيجانية …وابرزها الاتي :
١/ مع إرهاصات الاستقلالات الأفريقية في دول غرب افريقيا ، حاول الرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه إحياء مشروع ((أرض البيضان ))او البيظان،والمقصود بهم عربان الشتات عندما قال إن بلاده هي طائر جناحاه أزواد ( اعراب مالي ) والصحراء،( اعراب الصحراء في دولة الصحراء الغربية ) المتمردة علي الرباط وهو ما أثار غضبًا مشتركًا لدى ملك المغربي الراحل / محمد الخامس، والرئيس المالي موديبو كيتا، لتجد موريتانيا نفسها مرغمة على القبول بقصّ الطرف عن ذكر هذا الأمر مرة اخري .
٢/ البيضان أو البيظان هي تسمية مجتمع القبائل الصنهاجية الأمازيغية بالصحراء الكبرى، ومن انضاف اليهم من بني حسان من عرب المعقل مع تأثير متفاوت للأسر العربية القرشية.ولعلنا خلال هذه الحرب سمعنا كثيرا عن دولة العطاوة ودولة اولاد.جنيد علاوة علي دولة قريش وظهرت كثير من الفيديوهات والتي تنادي بتكوين دولة قريش وأنهم من صلب المصطفي عليه الصلاة والسلام .
٣/..الصراع الشديد المحتدم بين الجمهورية الشعبية الجزائرية والمملكة المغربية حول الطريقة التيجانية …مقروءة مع اثر الطريقة التيجانية علي الحياة السياسية والدينية والمجتمعية في المنطقة . فلنتامل الربط المحكم للتنسيق بين كافة المكونات الرسمية والدبلوماسية والشعبية لإدارة الشأن الديني والسياسي لخدمة الاهداف الاستراتيجية للدول .
٤/ نظم الشيخ ماء العينين زيارات عدة الي السلطان المغربي. والذي ينتمي في اصوله الي الاعراب والقبائل الصحراوية الموريتانية وهي زيارات ذات أجندة بغرض تجنيد الأعراب للدفاع ولمقاومة المستعمر وسافر مرارا إلى السلطان المغربي ليسلح المقاومة، وقد بلغ عدد زيارات الشيخ ماء العينين الي سلطان المغرب عدد كبير من الزيارات بلا انقطاع ..
. وفي الختام …فإني لا أوجه التهمة لدولة ( مثل المغرب أو الجزائر او حتي الامارات والتي تشير الدلائل والبراهين علي اشتراكها في هذه الحرب او للتسبب فيما ال اليه امر السودان من حرب ونهب وسرقة وقتل و ضياع للبلاد وسيادتها ومستقبلها …ولكن اردت بذلك ان اشير الي ضعف اجهزة الدولة التام في وضع منهج للتعامل مع فئات المجتمع المختلفة وغيابها عن الكثير من الملفات الاستراتيجية الهامة وذلك لحماية السودان وشعبه من الانكشاف الديني والمجتمعي والاقتصادي والسياسي وعدم التحصين اللازم للمجتمع من ان يكون فريسة للمجتمعات والدول الطامعة في ثرواته والأفكار العابرة للحدود .وتبين لي ذلك جليا من غياب الدراسات العميقة عن التصوف في السودان وأثره الاجتماعي والسياسي والديني الكبير علي المجتمعات وتفككها وبالتالي انهيارها …والله من وراء القصد ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته .
والله ولي التوفيق تابعوني في كل ذلك والي لقاء قادم متجدد بإذن الله تعالي نتناول فيه طريقة اخري . والي المنشور القادم ..
د.بابكر عبدالله محمد علي

في الصورة الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة يستقبل الخليفة التيجاني من عين ماضي

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق