ياسر الفادني يكتب في من اعلى المنصة: الحجاز أدوهو عكاز !

من أعلي المنصة
ياسر الفادني
الحجاز أدوهو عكاز !
من يتابع حال المليشيا اليوم، لا يحتاج إلى كثير من الذكاء ليرى أن المسرحية شارفت على إسدال ستارها، فالميدان لم يعد سوى حلبة صراع بين الرزيقات وبعض القبائل التي كانت بالأمس شركاء دم وبارود، وعلى رأسها المسيرية والسلامات، قبائل ثقيلة الوزن، لكنها وُضعت في خانة (الكومبارس) بقرار من نخبة الماهرية التي إخترعت منهج (الخيار والفقوس) ! دفعتهم للمحرقة واحتفظت لنفسها بمقاعد الظل البارد
الأسر التي فقدت أبناءها لم تجد سوى وعود الطاحونة الهوائية في الضعين، ذاك الذي يبيع الكلام في السوق كأنه كيس فول فارغ، وحين جاء وقت الوفاء بالعهود، ذاب مثل دخان الحطب
المليشيا لم تعد جيشاً، بل قطع غيار مبعثرة، كل قائد يجر قبيلته وراءه كأنها غنيمة شخصية ، الطابع القبلي صار هوية القتال ، وعبد الرحيم دقلو يصدر تهديدات بتصفية كل من لا يعجبه (الفهم الجديد) لكن النتيجة واضحة: مزيد من التعقيد، مزيد من التشظي، ومزيد من السكاكين التي ستُشهر بين المختلفين في نفس الخيمة
القادم ليس معركة مع الخصوم، بل وليمة موت بين الحلفاء أنفسهم، والمليشيا، لمن يفكر بعين فاحصة ، لم تعد بحاجة لعدو خارجي: فقد إكتفت بأن تتحول إلى طاحونة تدور على لحمها، وتطحن عظمها بيديها
إن قراءة المشهد بميزان العقل تكشف أن المليشيا دخلت مرحلة الانتحار الذاتي ، فحين يتحول السلاح من صدور الخصوم إلى صدور الحلفاء، تصبح النهاية مسألة وقت لا أكثر، كل التدابير والتهديدات التي يصدرها قادتها ليست سوى مسكنات لجسدٍ يحتضر، بينما الصراع القبلي يتضخم كسرطان يلتهمه من الداخل، وحين تسود قاعدة “الخيار والفقوس” في توزيع الموت والغنيمة، يصبح من المستحيل الحديث عن وحدة أو مشروع، إن القادم ليس انتصاراً ولا حتى صموداً، بل انهيار حتمي اسمه الفرتقة، حيث تتحول المليشيا إلى ركام تاريخي يروى كعبرة على أن من يبني جيشاً على قبائل، يزرع نهايته بيديه.