لـواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود محمد يكتب: عشم ابليس

بسم الله الرحمن الرحيم
١٧ اكتوبر ٢٠٢٥م
*عشم ابليس*
✍️ لـواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود محمد
تقول المُلحة أنّ رجلًا حلّ بقريةٍ ووجد ضيفًا سبقه الى الخلوة، ولمّا حضر العشاء حمل الجشع احدهما الحديث عن عشاءٍ آخر في طريقه الينا بحسب ما سمعه من ( *مصادره* ) وأنّه عصيدة باللبن ، فوقع صاحبنا في الفخ واختار العشاء المؤجّل ، وظلّ طوال ليله يترقّب كُل حركة وصوت باعتباره العشاء ابو لبن.
كذلك القحّاطة تركوا قزعة السُلطة المملحة بين أيديهم، وآثروا وعد الرباعية بأنَّ القادم احلى، ولذلك تعلّقت قلوبهم بأيّ حركة يتحركها ( *البرهان* ) يفسّرونها بأنه يحملُ اليهم وعد العودة للسُلطة من جديد، ويعتبرون اي لقاءٍ لهُ مع طرفٍ خارجيّ انّما هو سعيُ العالم لاعادتهم بارغام انف الرجل حتى يخضع ويستجيب للداعي الدولي ( *الشايل همهم* ) والمُراهن عليهم كقوى مدنية قمينة بحكم السودان.
ولذلك تنشطُ غُرف القحّاطة والمليشيا كلّما سافر الرئيس الى اي مكانٍ حتى يصنعون تيارًا يمكن ان يجرف الاحداث الى اتجاهاتهم ويحوّل مساراتها الى حيثُ أمانيهم، بينما البرهان قد تحلّل من هذا الالتزام منذُ وقتٍ طويل، واختار نبض اهل السودان وتوجّهاتهم الواضحة البيّنة المختصرة الّا عودة لهؤلاء الجنجويد ومن معهم الى المشهد السياسي والشأن العام البتّة، بأيّ شكلٍ وبأيّ حال جزاءًا وفاقا لما اقترفوه في حق الوطن واهله، ولاسرافهم غير المسبوق في العُنف والقسوة والاجرام بوصفٍ لا يُمكن أن يتسامح معهم احد، ولن يقبل بهم الشعور الجمعي المغزول من خيوط التواصل الانساني والعلاقات الصحيّة والبر، والاستقامة على الرُشد في التبادل والتفاعلات المجتمعية؛ لأن الشُقة قد بعدت تمامًا بحيثُ لا يُمكن رتق فتوقاتها، والمظالم قد تراكمت بحيثُ لا يجلوها غير الاقتصاص بالقوّة.
البرهان يعرفُ هذا، بل هو الذي يتولّى التعريف به في المقامات والمنابر المختلفة، ويردّده حتى اصبح مفهومًا جامعًا لارادة أهل السودان، ودلالة على توجههم، وتمّ اعتماده قائدًا شعبيًا وقائمًا بالحق على هذا الاجماع.
ولذلك البرهان الآن ليس في حاجةِ أن يتبرّع لخصوم الوطن بنقض غزله بنفسه، بأن يُظهر للملأ تناقضاته ما بين خطاب الداخل، وخطابه في المنابر الخارجية.
فهو ليس في حاجه لتلبّس هذه الازدواجية لأنه ابن القوّات المسلّحة بكُل حضورها الموقّر عند أهلها في السودان.
ولعلّ خطابه في مصر عقب لقائه الرئيس السيسي يُعتبر فاصلًا لكل متشابهات الاحاديث والتأويلات؛ حيثُ سردَ قائمةً بجرائم الجنجويد ومعيّتهم السياسية ( *قحط* ) ورأسها الخبيث حمدوك بما لا يدعُ مجالًا للتفاوض معهم، ولا فتح نوافذ التواصل بالغًا ما بلغت دعوات مسميّات الرباعية واخواتها.
والبُرهان في سعةٍ من التأييد والمؤازرة من شعبه، ولا يمكنه استبدال الخبيث بالطيب، والوطنيين بالخونة العُملاء، ولا يجوزُ له أن يبدل موقفه ارضاءً لاطرافٍ خارجية لن تخلو ابدًا من اجندات ومصالح خاصة بها بعيدًا عن الالتزام الوطني المعلّق في ذمته كقائد للسودان في هذه المرحلة.
الذي يؤكّده خطاب البُرهان في مصر انّه لا عشاء في هذه الليلة للضيف الذي أضاع الفُرصة أمامه وانتظر وعد الرباعية بالعصيدة واللبن.
اما شعبنا البطل فقد توسّد ضراعه الاخضر وارسل طرفه متأملًا سماحة النجوم واطياف الشُهداء، ووعد النصر القريب بحول الله.
أما عشم جماعة قحط بعودة الحُكم ببنادق الجنجويد فهو عشم ( *إبليس* ) في الجنّة.
*لا تفاوض*
*لا تسامح*
*لا نسيان*