رأي

لواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود محمد يكتب: الإسقاط والتعويض ،، في مسيّرات الجنجويد

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥ اكتوبر ٢٠٢٥م

*الإسقاط والتعويض ،، في مسيّرات الجنجويد*

✍️ لواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود محمد

الأحوال النفسية التي تعتور داخل البناء التكويني النفسي المُظلم للجنجويد، ولسع سياط الاحساس بالدونية واحتقار الحظ من موجبات التقدير الذاتي والاحترام، وهواجس العار والعيب التي تلاحقهم في كُل خطوةٍ من خُطاهم المتعثرة في عقبات ( *القبول المجتمعي* ) وتلبّسهم حال المنبوذ المستوحش الذي لا يجدُ مقامًا بين الناس لاختلالاتٍ في قُدرته على الفعل الاجتماعي السويّ، ومعيارية سلوكه في ميزان العُرف والاخلاق والتجانس الثقافي، كُل هذه محضُ عللٍ نفسية وامراض في ذات الانسان التي بين جنبيه، تحفزّه للسلوك وتضبط ردود أفعاله تجاه الآخرين، وتعمل هذه العلل والتشوّهات النفسية عملها حتى تُحدث التوازن الداخلي وتخفّف وطأة الشعور بالعار والنقص والدونية.
ولعلَّ هذه العوامل والمسبّبات هي التي جعلت الجنجويد من مستواهم الاعلى في القيادة ( *البعاتي واخوه المعتوه* ) يهذيان كثيرًا بهاجس التمييز، ويردّدان الوعيد بمعاقبة المتميزين من السودان سواءً في العلم والاستقرار والكسب الحضاري والاثر الموجب والانتاج المعرفي، أو لمجرّد الاحساس المتوهّم بأنّهم يتقدّمونهم في الخصال والخصائص الاجتماعية.
هذه المقدمة لازمة في السعي لتفسير السلوك العدواني الموغل في القسوة والشطط، المبالغ في احداث الاذى في الغرماء بلا حساب، وتداول ذلك باعتباره حقًا لا تثريب في اخذه ولا مؤاخذة في ازهاق الروح واهدار الدم بلا واعزٍ ولا رقيب.
لأنَّ تعمّد ارسال الطائرات المسيّرة العشوائية للبحث عن فرقعة ونصر ومعادلة جديدة لوقائع الصراع المسلّح على الأرض والذي تمّ حسمه لصالح القوّات المسلّحة والمشتركة ومن بمعيّتها من التشكيلات الشعبية والشبابية الّا قليلًا من الجيوب الخائفة المتوجّسة حيثُ يزحفُ عليها ضوء التحرّر كما يجلو وجه النهار غلس الليالي الجنجويدية الدامسة القاتمة المُثقلة بالآلام والمواجع.
نعم واحدةٌ من اهم مقاصد استخدامهم للطيران المسيّر هو حقن انفسهم بجرعاتٍ من الاسقاط النفسي ليتخلّصوا من الاحساس المُر بالهزيمة الذي يرونه وعاشوه مفارقة بين حالهم قبل الخطيئة، واحوالهم بعدها، حيثُ كان المجرم في المراقي الصعبة يتخيّر من الامنيات مشيئته، ارخت لهُ الدنيا ظهرها وابدلتهُ سرج الحمار والبردعة الخشنة وسموم البوادي ووعثاء الكّد، ابدلته مفاخر الردهات ووثير الاثاث الموشى بالوان الفن وخُلاصة الهام الرسّامين وذواقة اهل الديكورات، حيث نسجوا له بعناية الاناشيط والمراجيح والهواء المعطّر والابتسام المبذول بأناقة، ورنين الأواني وقناني القهوة والبخور، ومن دونه رتلٌ من التاتشرات شاكية الحراب عليها الف غاضبٍ لغضب سيّده بلا سؤال.
كان البعاتي وأخوه المعتوه يخرجان في زينةِ قارون في غدوٍ ورواح، تتبعهم اماني البعض ان يا ليت لنا مثل ما اُوتي البعاتي واخوه بلا حساب، بلا تعليمٍ ولا تحصيل ولا منافسة ولا كنزُ ابٍ صالحٍ قابع تحت حائط الزمان تدخّره عناية المولى مكافأةً للأب السالف الصالح.
ولك أن تتخيّل وضعهما الآن وتطنُّ في آذانهما الآثمتين اصوات البغاة المردة من الجنجويد، يسبّون ويسخطون، ويشكون سوء المآل وبؤس المنقلب، الامر الذي يُشعل الجنون فيهما اكثر مما هما مسكونان بجنونِ الفقد والحشا المحروق، وافضلُ تعبيرٍ عن هذه الخيبة هو حصب الشعب السوداني بالمسيّرات، شفاءً للغيظ ، وتعبيرًا عن اليأس، فقط لأنَّ الشعب اختار وطنه الذي باعوه هُم،
واختار شرفه وكرامته التي اهدروها، واختار عزته وحقّه في الحياة التي اهلكوها هُم، واختار الاصطفاف مع قيادته الوطنية وجيشه العظيم، ولفظهم كما تلفظُ الحصاة من البليل.
الطائرات المسيّرة لن تُحقق نصر فات اوانه، ولن تُصلح ما افسده الجنجويد، ولن تُعيد البعاتي للحياة السياسية والشأن العام البتة، ولن تفسح للقحّاطة مجلسًا في الاجماع السوداني.
بالتأكيد لن تُثير الشعب على جيشه ولن تفصم عروة الانتماء، ولن تقطع حبل التأييد المُطلق المشروط بسحق الجنجويد وعدم مهادنتهم تحت أيّ ظرفٍ ووفق أيّ تقديرات داخلية او اقليمية او دولية.
وعليه لن يعدو هذا الاستخدام المفرط العشوائي ضِدّ المواطنين العُزل الغافلين في بيوتهم لن يتجاوز ابدًا عتبة العلّة النفسية المصاحبة للجنجويد قيادة ورعاع.
والعهدُ بين الجيش والشعب أنَّ البل هو الحل.

ولن تنالوا من عزائم أهل السودان بحول الله وقوّته.

ولا غالب الّا الله.

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى