سياسة
حكومة ذات مصداقية.. معايير الغرب
الخرطوم: سودان بور
ظلت الآلية الثلاثية والدول الغربية تتحدث عن ضرورة حكومة سودانية مدنية ذات مصداقية.
وكثر الحديث عن هذا المصطلح باعتبار أنه غير محدد التعريف
الخبراء يرون أن الحكومة ذات المصداقية هذه التي يعنيها الغرب يريدونها أن تكون مفصلة على مقاس الولاء والتبعية للغرب والمنظمات الدولية مثل حكومة حمدوك.
وانتقد الخبراء والمراقبون رهن التعامل مع السودان وفقا لاشتراط غير محدد وغير متفق عليه والهدف الأساسي منه الولاء للغرب وقال الدكتور عادل التجاني ان مصطلح حكومة ذات مصداقية فضفاض والمعنى الأوضح فيه حكومة موالية تماماً للتوجهات الغربية سياسياً وإجتماعياً وتنفذ الإملاءات والأجندة وأكد ان الشعب السوداني رفض هذا النمط من الحكومات وهو شعب يرغب في الحرية والمحافظة على ثوابته وقيمه.
أجندة قحت
ويقول المحلل السياسي إبراهيم عثمان نجحت قحت المجلس المركزي، في جعل المتحدثين الغربيين يكررون دائماً التأكيد على ضرورة تشكيل ( حكومة مدنية “ذات مصداقية” ) بالتشديد على شرط المصداقية هذا، وربطه مباشرة بقحت – المركزي، فهي – دون غيرها – الأكثر “مصداقيةً” لدى الغرب، بمستوى التبعية له ولسفاراته وبعثته الأممية، وبعد إفقار الكلمة وتقحيطها وإحداث خسارات دلالية فادحة بمعناها، وقبل ذلك بمعنى المدنية والكفاءة والوطنية .
نالت قحت – المركزي هذا الامتياز من الغربيين وأصبحت الأعلى مصداقيةً لديهم بعد أن ضحت بالكثير من سمعتها وبلغت أعلى درجات الفضيحة وعدم المصداقية لدى أغلبية الشعب السوداني لجهة طبيعة مشروعها، ولجهة تنكرها لشعاراتها، خاصةً شعارات رفع المعاناة وشروعها في الدوس الاقتصادي الأشد قسوةً، وبيعها للسيادة، ولجهة الانهيار الشامل، وفشلها في تسيير الدولة ولو بالحد الأدنى .
واضاف وقد كانت إلى ما قبل الاختبار العملي، تعترف – على مضض – بالتعريف الصحيح لمصداقية حكومات الانتقال، لكنها تمكنت تدريجياً من عكس هذا التعريف لتنتقل المصداقية من أعلى درجات الاستقلال إلى أعلى درجات الحزبية .
عندما نصت قحت في “ميثاق الحرية والتغيير” على (تشكيل حكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني ) كانت تعلم أن مصداقية الحكومة الانتقالية تقوم أساساً على بعدها من الحزبية الصارخة، وعلى وطنية كوادرها، وعلى توفر أكبر توافق ..
وعندما كان متحدثوها ( خاصةً جعفر حسن، وخالد عمر، ووجدي صالح ) يستجدون تصفيق الجمهور في الاعتصام بالتأكيد على زهد قحت في السلطة ورغبتها في تشكيل حكومة من أصحاب الكفاءة الوطنيين المستقلين، كانت تعلم بأن هذه من أهم شروط مصداقية الحكومة الانتقالية ..
وعندما نصت في “الوثيقة الدستورية” على ( يتكون مجلس الوزراء من رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين من كفاءات وطنية مستقلة ، يعينهم رئيس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحربة والتغيير عدا وزيري الدفاع والداخلية )، كانت قد تراجعت عن شرط مهم للمصداقية وهو شرط توافق “جميع أطياف الشعب السوداني”، لكنها لا زالت تعترف بأن المصداقية قرينة الاستقلال والبعد عن الحزبية . وعندما شكلت حكومتها الأولى كانت قد تحايلت على شرط الاستقلال وأتت بكوادر ليست بعيدة عن الحزبية ، إضافة إلى أنها غير كفؤة واتضح فشلها منذ الشهور الأولى، وبدأت مسيرة التدهور السريع ..
وعند بلوغ الفشل مستوى الخطر الشديد أقالت سبع وزراء، وبعد عدة شهور تراجعت حتى عن الالتزام الشكلي بأي شرط من شروط مصداقية الحكومة الانتقالية، وشكلت حكومتها الحزبية الصارخة بقيادات الصف الأول التي ضاعفت الفشل ..
من الواضح أن خطة قحت – المركزي لتفادي الانتخابات وللتمكين الانتقالي القابل للاستدامة قامت على عدد من الركائز الأساسية من بينها تثبيت فكرة أن المدنية تعني حكمها حصراً. وإقناع العساكر بالعدول عن مدة السنتين للفترة الانتقالية، ومعالجة ما يعنيه ذلك من بقائهم كشركاء بالسعي لتقليص نصيبهم في الشراكة تدريجياً وصولاً إلى مرحلة بقاءهم كلجنة أمنية تنحصر مهمتها في حراسة التمكين الانتقالي، والضغط عبر شارعها وعبر الدول الغربية وسفاراتها وعبر البعثة الأممية لتحقيق هذه المعادلة بصورتها الكاملة وحراستها .. وهذا هو ما فشلت في تحقيقه وانهار تماماً في أكتوبر الماضي، وهو ما تكرس كل ضغوطها وضغوط الغربيين لإستعادته مرة أخرى .