سياسة
علي يوسف تبيدي يكتب: مؤتمر القاهرة .. خطوة مهمة في طربق بناء السلام والاستقرار في السودان
الخرطوم : علي يوسف تبيدي
لو لم ينجح مؤتمر القاهرة شيئا آخر سوي جمع فرقاء السياسة السودانيين في قاعة واحدة لكفاه ، فهي غاية كانت بعيدة المنال في ظل الشطط والاستقطاب الحاد الذي تعانيه البلاد في السنوات الأخيرة والذي بلغ مدى بعيد جدا عقب اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي، فلأكثر من عام ونصف انقطع التواصل واللقاء بين ساسة السودان واشتعلت حرب التصريحات والاتهامات بينهم الامر الذي شكل خطرا كبيرا على مستقبل العمل السياسي في البلاد، لذلك فإن إجتماع وجلوس الاطراف المتناحرة في مؤتمر كهذا يعتبر خطوة مهمة في طريق إنهاء الخلافات واذابة جبال الجليد القائمة بينهم منا يسهم في توجيه دفة العمل الوطني نحو السلام ، وعلى الرغم من عدم توقيع بعض القوى الفاعلة على البيان الختامي إلا أن ذلك لم يقلل من قيمة المؤتمر وقدرته على تحريك جمود الساسة السودانيين وتعنتهم ، وسط دعوات لإلحاق الرافضين للتوقيع.
السيسي يتعهد :
وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه القوى السياسية والمدنية على أن مصر “لن تألو جهداً ، ولن تدخر أية محاولة ، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية ، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، مؤكداً ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل ، يحقق تطلعات شعب السودان ، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان ، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية”، وأكد أن الدولة المصرية تبذل أقصى الجهد، سواء ثنائياً ، أو إقليمياً ودولياً ، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية ، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم ، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية ، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان ، فضلاً عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.
فرصة تأريخية :
وفي غضون ذلك قال رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية، عبد الله حمدوك، إن مؤتمر القاهرة أتاح فرصة لمناقشة الأزمة السودانية لوقف الحرب وتجنب الأزمة الإنسانية، مؤكداً أنه لا حل عسكرياً للأزمة التي هجّرت ملايين السودانيين.
بينما أعربت الناشطة السودانية وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ، سلمى نور ، عن تقديرها لمؤتمر القوى السودانية الذي استضافته القاهرة يوم السبت الماضي ، تحت شعار “معاً لوقف الحرب في السودان”، وقالت في تغريدة على منصة إكس، إن مؤتمر القاهرة نجح قبل انطلاقه في جذب بعض القوى المدنية مثل الكتلة الديمقراطية إلى موقف ضرورة وقف الحرب في السودان، بعد أن كانت هذه القوى تدعم استمرار الحرب بأي تكلفة بهدف القضاء على قوات الدعم السريع.
نجاح مصر :
وفي السياق قال مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الامة ورئيس تحالف التراضي الوطني إن أهمية المؤتمر الذي دعت له مصر الشقيقة في ظل استطالة امد الحرب وفشل الجهود لوقفها مع توسيع مليشيا الدعم السريع هجماتها مؤكدا أن القاهرة نجحت في جمع الفرقاء السياسيين السودانيين في لقاء جامع بحضور قوى مدنية سودانية وقوي دولية واقليمية لأول مرة منذ اندلاع الصراع على السلطة بينهم بعد الثورة وادى ضمن عوامل اخرى إلى اندلاع هذه الحرب اللعينة، وذلك باستثناء سلسلة الورش والحوارات التي ظلت تنظمها بعض الدول والمنظمات الغربية وجمعت فيها قيادات من الكتلة الديمقراطية وتحالف تقدم والتي كان اخرها الحوار في سويسرا الذي سبق لقاء القاهرة بأبام وشارك فيه اخوة من قادة حركة التحرير بقيادة الجنرال مني مناوي وحركة العدل المساواة بقيادة الدكتور جبريل في حوار مباشر مع قادة تنسيقية تقدم شارك منهم لفيف من القيادات يتقدمهم برمة ناصر وبكري الجاك وطه عثمان وخالد عمر .
ورأى الفاضل أن اهم نتائج مؤتمر القاهرة تتلخص في إتفاق المؤتمرون بضرورة الالتزام بإعلان جدة لوقف الحرب الموقع بين الجيش والدعم السريع في ١١ مايو ٢٠٢٣ وضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ، وتطوير آليات تنفيذ إعلان جدة لمواكبة مستجدات الحرب و أهمية إعلان جدة هي إخلاء منازل المواطنين والأحياء السكنية والمستشفيات والمرافق العامة وهو اتفاق يستند الى القانون الدولي الإنساني في كل بنوده.
كما وضع مؤتمر القاهرة نهاية للإقصاء والإقصاء المضاد في الحياة السياسية ، وأقر الفرقاء على أن الحرب الحالية تمثل علامة فارقة وتاريخ جديد يلزمنا جميعا كسودانيين بالنظر والمراجعة الدقيقة لمواقفنا كافة
و فصل المؤتمرون بصورة واضحة بين وقف الحرب والمسار السياسي لمستقبل السودان ، واكدوا على تجنيب المرحلة الانتقالية لما بعد الحرب كل الأسباب التي أدّت الي افشال الفترة الانتقالية واشعال الحرب.
وقال الفاضل ان الاتفاق بيننا وبين تنسيقية تقدم في فصل المسار السياسي عن شروط وقف الحرب من شأنه ان يجرد الدعم السريع من المطالبة بنصيب في السلطة والجيش مقابل تنفيذ إعلان جدة وإخلاء العاصمة ومنازل المواطنين كما ظل يفعل في كل المفاوضات ، وتوافق المؤتمرون علي تشكيل لجنة مشتركة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من اجل الوصول الي سلام دائم، و أدان المؤتمرون كل الانتهاكات التي حدثت في هذه الحرب ، ولم يفصل في ذلك لان المنبر لم يناقش من ضمن اجندته انتهاكات الحرب بل ناقش وقف الحرب والشأن الإنساني والرؤية السياسية. وهو منبر مصري ودولي مشترك.
كما بذل المسهلين السودانيين من المجتمع المدني جهدا مقدرا في خروج المؤتمرين بهذه المخرجات وساعدوا في كتابة البيان الختامي الذي شارك في صياغته لجنة مشتركة من ٦ شخصيات تمثل تنسيقية تقدم وممثلين من قوي الميثاق وصدر البيان بالتوافق وأوكل المنظمون تلاوته لمولانا الدكتور عبد المحمود ابو فكانت لفتة بارعة إذ شارك في المؤتمر مطران الكنيسة الأرثوذكسية الذي حضر من بورتسودان خصيصا وشارك ايضاً امين الطريقة الختمية مولانا صلاح سرالختم.
جهود مستمرة :
وعقدت بالقاهرة فى 13 يوليو 2023 ، قمة دول جوار السودان لبحث إنهاء الصراع والتداعيات السلبية له على دول الجوار ، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية ، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة ، وحرصاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المُباشر للسودان ، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني ، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.
وفى سبتمبر 2023 عُقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك واتفق وزراء الخارجية على استمرار التنسيق والتواصل ، وعقد الاجتماع الوزاري الثالث لوزراء خارجية دول جوار السودان فى القاهرة في تاريخ قريب يتم الاتفاق عليه من خلال القنوات الدبلوماسية لتقييم ما تم إنجازه في سبيل تنفيذ بنود خارطة الطريق.
وفى نوفمبر 2023، استضافت مصر، مؤتمر “القضايا الإنسانية في السودان 2023″، بحضور أكثر من 400 مشارك ممثلين عن قطاع كبير من منظمات المجتمع السوداني ، وهو الاجتماع الذي عُقد بعد أيام فقط من اجتماعات ائتلاف «قوى الحرية والتغيير» في السودان ، التي أقيمت في القاهرة على مدى 3 أيام ، وجرى خلالها التوافق على الدعوة إلى «توسيع مظلة القوى الداعمة لإيقاف الحرب في السودان».
وفي 9 مايو 2024، احتضنت القاهرة اجتماعات لعدد من الكيانات والقوى السياسية السودانية ، انتهت بالتوقيع على وثيقة إدارة الفترة التأسيسية الانتقالية بهدف تقديم رؤية سياسية موحدة للتعاطى مع الأزمة السودانية ، والتمهيد لحوار سودانى – سودانى يقدم خارطة طريق سياسية للحل الشامل للأزمة.