تحقيقات وحوارات

سهل البطانة يشهد حدثا تاريخيا سيظل عالقا بذاكرة الجميع

التوقيع على وثيقة الصلح بين قبائل الاحامدة والمرغماب والخوالدة

سهل البطانة يشهد حدثا تاريخيا سيظل عالقا بذاكرة الجميع
التوقيع على وثيقة الصلح بين قبائل الاحامدة والمرغماب والخوالدة
ام شديدة: أحمد حسين
“فمن عفى وأصلح فأجره على الله” كانت هذه الجزئية من الآية الكريمة حادي ركب الذين توجهوا يوم الخميس الى منطقة أم شديدة بولاية نهر النيل وتقع المنطقة في الحدود الفاصلة بين نهر النيل وكسلا، وكذا كان سهل البطانة يردد فيه هذه الآية لما حققته من إصلاح بين الناس وعفو كريم بين قبائل سودانية أشتهرت بالشجاعة والشهامة والعفو عند المقدرة.
إذن كانت رحلتنا من الخرطوم مروراً بمدينة شندي التي تأهبنا في اليوم الثاني لشد الرحال الى أم شديدة والتي شهدت أكبر حدثاً إجتماعياً زاد من أواصر قبائل الأحامدة المشهورين بالكرم الفياض والفزع ونهضة الصريخ، وقبيلة المرغماب ” الكواهلة” اللذان وقعا وثيقة صلح على خلفية الاحداث التي شهدتها المنطقة قبل عامان بقيام أحد منسوبي الأحامدة بقتل أحد من منسوبي قبيلة المرغماب.
فكانت الرحلة الى أم شديدة برغم مشاقها الى أنها طوت صفحة من الخلافات بين الأحامدة والمرغماب لتعود القبيلتان الى الصلح والصفح وتعود بعدها الحياة الى مجاريها الطبيعية.
والأمر ملخصه أن لجنة إصلاح ذات البين من قبيلة الميرفاب التي قادت الصلح بقيادة نظارة أيوب بيه عبد الماجد “الميرفاب” ورئيس اللجنة عبد الله الياس عماش قادت عملية الصلح بين القبيلتين لمدة تجاوزت العامان ليكون توقيع الصلح متزامن مع توقيع صلح آخر بين قبيلة المرغماب وقبيلة الخوالدة لتكون المناسبة مناسبتان ويكون الفرح أكبر والأمة الإسلامية تحتفل بمولد رسول الإنسانية والعفو والصفح محمد صلى الله عليه وسلم.
عند وصولنا لمكان التوقيع وهو قرية ام شديدة كان الحشد كبير من كل هذه القبائل ولو قلنا أن الحشد كان بمثابة يوم الحج الأكبر ان لم نبالغ، فالكل جاء يحمل في ذاته هذه الشيمة والكل يلهج بالدعاء للقبائل الثلاثة بأن لا يتكدر صفوها مستقبلاً ويعملون مجتمعين لنهضة السودان لاسيما هذه المناطق غنية بالثروة الحيوانية والأرض الشاسعة الصالحة للزراعة .
كان يوماً مشهوداً في تاريخ المنطقة بعد أن تصافت النفوس وعفت قبيلة المرغماب لوجه الله تعالى دون قيد أو شرط، إكتظ الناس بالصيوان الذي بني ليسع الكثير من الناس الا أنه فاض وجلس بعضهم خارجه في إنتظار الفرح الكبير وإعلان الصلح من مقبل لجنة المساعي الحميدة .
تكاثرت الكلمات في حفل الصلح ولو كان الوقت يسع كان كل فرد من هؤلاء الحاضرين وجد فرصة للحديث ليشكر الآخرين بهذا الفعل النبيل، وبالرغم من ذلك تحدث خلق كثير من كل هذه القبائل مشيدين بالخطوة ومعددين مزايا الصلح وشيم وأخلاق أهل البادية، كل يشكر الآخر بما بذل من جهد فالشكر قد وصل الى حسن محمد حمد بشارة عمدة المرغماب وأهو ولي الدم لما قام به من عفو وصفح جميل سارت بخبره الركبان ففي البادية والحضر، الكل كان يثني ثناءاً كبيراً على العمدة حسن الذي وافق على الصلح وإستضاف كل هذه الجموع في داره ومنطقته أم شديدة في كرم نادر وبشاشة ليس لها مثيل وتجسيد حقيقي لعملية الصفح الجميل والرضاء بقدر الله، فهذه الفعله والله لايفعلها الى من عرف الله عز وجل حق المعرفة وعرف ان الحياة الدنيا فانية لامحالة وأن الاجر الأكبر ينتظره عند الآخرة.
وكذا إمتد الشكر والعرفان للناظر الزبير الطيب دفع الله علوب ناظر قبيلة الاحامدة والذي عرفت قبيلته – بحسب الذين تحدثوا في الإحتفالية – بالكرم والجود والصفح والمواقف الشجاعة وعدم التعدي على الآخرين.
وفي المنصة الرئيسة تحدث خلق كثير منهم عبد الله الياس العماش رئيس لجنة إصلاح ذات البين وشرح بالتفصيل عمل اللجنة منذ تكوينها وماوصلت اليهم من نتائج مشرفة انتهت بالتوصل للصلح الذي اثلج صدور الحاضرين، وتقدم العماش بالشكر لكل الذين أبلوا بلاءاً حسناً في إتمام هذا الصلح وخص بالشكر قبيلة الميرفاب التي قادت الصلح .
وتحدث في الحفل أيضا ناظر قبيلة الكواهلة عمر تاج الدين معددا مزايا القبائل الثلاث على مدى التاريخ في ترابطها وعيشها معا في سلام دائم؛ مشيدا بلجنة الصلح وقال إنها صادقة فيما قامت به من عمل جليل أثلج صدورنا جميعا؛ مشيرا إلى أن ماتم من صلح يعتبر صلحا حقيقيا

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق