تحقيقات وحوارات
بعد أن فشل إسقاطها عسكرياً،، المساعدات الإنسانية فرية دولية لاجتياح الفاشر..
بعد أن فشل إسقاطها عسكرياً،،
المساعدات الإنسانية فرية دولية لاجتياح الفاشر..
روسيا تعرقل مؤامرة بريطانية إماراتية للتدخل إنسانياً..
ارتياب حول إصرار المجتمع الدولي على إيصالات المساعدات للفاشر دوناً عن بقية مدن دارفور..
واش: وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية مطية لأجهزة استخبارات عالمية..
عاطف: يجب إغلاق معبر أدري والاعتماد على إيصال المساعدات عبر معبر الطينة..
مطالبات بتحمل الجيش مسؤوليته وحسم المتمردين عسكرياً..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
تلاحظ خلال الأيام الماضية تصاعد وتيرة الاهتمام التي تبديها الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية بإيصال المساعدات الإغاثية إلى مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، حيث شدد مجلس الأمن الدولي على ضرورة أن ترفع ميليشيا الدعم السريع حصارها عن الفاشر من أجل السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين المحاصرين داخل المدينة منذ شهر مايو ٢٠٢٤م، ويرى مراقبون أن الاهتمام الدولي بالفاشر لا يعدو أن يكون دعوة حق أرادوا بها باطلاً، إذ إن المقصد هو إيجاد مبرر لدخول الفاشر تحت غطاء المساعدات الإنسانية بعد أن فشلت الميليشيا المتمردة في اجتياحها عسكرياً، وإعلانها عاصمة لدولتهم في دارفور، رغم العتاد الحربي واللوجستي والبشري الذي جهزته لهم دولة الإمارات والضالعين في المخطط من المحاور الإقليمية والدولية.
قرار ولكن:
وفي يونيو ٢٠٢٤م اعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً بريطانياً يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور ويدعو إلى وقف فوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين، وقالت سفيرة المملكة المتحدة باربرا وودوارد إن القرار يبعث رسالة واضحة بأن مجلس الأمن يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر على الفور، وأن تتراجع جميع الأطراف عن حافة الهاوية، وأن الهجوم على المدينة سيكون كارثياً على 1.5 مليون شخص لجأوا إليها، وقالت إن بلادها قدمت هذا القرار للمساعدة في تأمين وقف إطلاق نار محلي حول الفاشر وتهيئة الظروف الأوسع لدعم تهدئة التصعيد في جميع أنحاء البلاد وإنقاذ الأرواح في نهاية المطاف.
أدراج الرياح:
وذهب قرار مجلس الأمن الدولي، وتحذيرات سفيرة بريطانيا أدراج الرياح، إذ نفذت ميليشيا الدعم السريع هجمات متتابعة على مدينة الفاشر، وازدادت وتيرة الهجمات وحدتها بشكل يومي مما تسبب في دمار عدد من المرافق الحكومية والخاصة كما حٌرِقت أحياء ومنازل ومعسكرات نزوح، ولكن المدينة ظلت صامدة في وجه كل الهجمات، واستطاعت القوات المسلحة السودانية مسنودة بالقوة المشتركة والمستنفرين، من دحر ميليشيا الدعم السريع، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والمعدات، بل إن قائد متحرك إسقاط الفاشر اللواء علي يعقوب جبريل لقى مصرعه ومعه مجموعة كبيرة من القيادات الميدانية للميليشيا المتمردة.
مسار سياسي:
وبعد تأكده من فشل ميليشيا الدعم السريع، وعجزها عن اجتياح مدينة الفاشر، بدأ المجتمع الدولي يتخذ مساراً سياسياً عبر فرية إيصال المساعدات الإنسانية للدخول إلى فاشر السلطان، مستغلاً سماح الحكومة السودانية بتمرير الإغاثة من خلال معبر أدري الحدودي مع دولة تشاد، ولعل خير شاهد ودليل ما جرى في جلسة مجلس الأمن الدولي الجمعة بخصوص الوضع الإنساني في السودان، فلو لا لطف الله الذي يعلم خائبة الأنفس وما تُخفي الصدور لتم تمرير المخطط، فانبرت روسيا وقامت بعرقلة المقترح الأمريكي الذي قدمته سفيرة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ليندا توماس، والذي طالبت فيه المجلس بتبني قرار بالموافقة على دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود على غرار الإجراءات التي تم اتخاذها بشان سوريا، الأمر الذي من شأنه أن يصبّ الزيت على النار ويعمل على تطاول أمد الحرب، حيث أكد دميتري بوليانسكي المندوب الروسي بمجلس الأمن الدولي، على أنه لا حاجة لتدخل من مجلس الأمن، وزاد ” المجتمع الدولي لا ينبغي أن يتدخل في الشؤون الداخلية للسودان بحجة الوضع الإنساني الخطير، وأن يشير إلى السلطات الشرعية بشأن الممرات الإنسانية التي يجب فتحها.
شكوك وريبة:
تحوم الكثير من الشكوك والريبة حول مغذى وأبعاد إصرار المجتمع الدولي على إيصالات المساعدات الإغاثية للمتأثرين بالحصار في مدينة الفاشر رغم وجود مدن رئيسة في دارفور تقع تحت سيطرة ميليشيا الدعم السريع ويعاني سكانها من تداعيات الحرب مثل الجنينة، وزالنجي، ونيالا، والضعين، هكذا ابتدر الصحفي الأستاذ عاطف مصطفى إفادته للكرامة منوهاً إلى وجود الكثير من الأقوال التي تدور في دارفور بشأن دخول معدات لوجستية وعتاد حربي على متن الشاحنات التي دخلت الإقليم عبر معبر أدري، مما يعني أن المجتمع الدولي يصر على إسعاف الميليشيا المتمردة وإنقاذها من الضربات التي ظلت تتلقاها على أيدي القوات المسلحة والقوة المشتركة والمستنفرين منذ أن بدأت مغامراتها بمحاولة الهجوم وإسقاط الفاشر اعتباراً من شهر مارس ٢٠٢٤م.
مطية استخباراتية:
ويقترب الأستاذ عثمان فضل واش، وزير التعاون الدولي الأسبق، من الرؤية التي قال بها الصحفي الأستاذ عاطف مصطفى، وأبان واش في إفادته للكرامة أن تجارب الصراع في السودان وغيرها من دول الإقليم تؤكد أن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ليست سوى مطية لأجهزة الاستخبارات العالمية خاصة الغربية و التي تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن المجتمع الدولي يسعى حالياً لإفساح المجال لأجهزة الاستخبارات الدولية لتقديم العون الاستخباري و اللوجستي لأذنابهم في ميليشيا الدعم السريع تحت فزّاغة إيصال المساعدات الإنسانية بإيعاز من دولة الإمارات الداعم الرئيس لنار الحرب في السودان، وسخر الوزير واش من الاهتمام بإيصال المساعدات للمتأثرين بالحرب في الفاشر، وقال إن اللاجئين السودانيين في شرق تشاد يعانون الأسوأ من نقص الغذاء والرعاية الصحية، ألم يكونوا هم الأولى بهذا الاهتمام الدولي؟ ومثلهم اللاجئون السودانيون في أثيوبيا والذين يتعرضون للتنكيل من قبل الأثيوبيين في واحدة من صور الخُزي التي سيسجلها التأريخ بمداد أسود في صحيفة أبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي الذي قال إنه تنكَّر وقلب ظهر المِجَنْ للشعب السوداني الذي كان داعماً ومسانداً لأشقائه الاثيوبيين في محنتهم، وعلى العكس تماماً فإن الرئيس اليوغندي ورغم ضلوعه في تأجيج نار فتنة الحرب في السودان، إلا أنه استقبل اللاجئين السودانيين وتعامل معهم بمسؤولية، إذ يتم التسجيل وفق الأعراف الدولية، وقد منحت أراضي للمنظمة الدولية لصالح اللاجئين بحيث يتم توزيعها وفقاً لهذه الأعراف الدولية.
معاناة متضاعفة:
وتناول الصحفي الأستاذ عاطف مصطفى دوراً قال إن ميليشيا الدعم السريع تلعبه فيما يلي إيصال المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر التي يزداد معدل سكانها بوصل عدد من الفارين من ولايات دارفور التي تقع تحت سيطرة الميليشيا المتمردة، وأكد مصطفى أن ميليشيا الدعم السريع تحتجز عدداً من الشاحنات القادمة من الشمال والتي من المفترض أن تصل إلى الفاشر لإنقاذ المواطنين الذي قال إن معاناتهم تضاعفت سواءً في معسكرات النازحين أو دور الإيواء، مطالباً القوات المسلحة والقوة المشتركة بتحمل مسؤولياتها كاملة والعمل على تفويت الفرصة على إنجاح المخطط الدولي الرامي إلى إسقاط مدينة الفاشر عبر فرية المساعدات الإنسانية، أولاً بإسقاط جوي للمواد الإغاثية من الأغذية والأدوية، وثانياً إغلاق معبر أدري والاعتماد على إيصال المساعدات عبر معبر الطينة الذي وصفه بالسالك وسهل الحركة، وآمن لوجود القوة المشتركة، إضافة إلى قربه من مدينة الفاشر ومن بعض المناطق التي يحتاج سكانها إلى إسناد ودعم إغاثي وإنساني.
التعامل بحسم:
ينبغي على الحكومة السودانية أن تتعامل بحسم مع ملف المساعدات الإنسانية، يقول الأستاذ عثمان فضل واش، وزير التعاون الدولي الأسبق، نائب رئيس حزب التحرير والعدالة، ويضيف ” على الحكومة أن تسعى لإغلاق الأجواء السودانية والحدود على الأرض، وأن تسمح فقط لمن أراد من الوكالات والمنظمات الدولية النزيهة والجادة في برنامجها الإنساني بأن تدخل عبر المنافذ التي تسيطر عليها الدولة، واعتبار أي محاولة للدخول من مسارات غير المسموح بها بمثابة اختراق ينبغي التعامل معه بشدة وحسم وحزم، مثلما يتم التعامل مع الأعداء، وأكد واش ثقته في قدرة الحكومة السودانية والسلطات المختصة في إحكام السيطرة على الأمر لما لها من إمكانيات وآليات حربية جوّاً وبرّاً، لتدمير أي مدد. يحاول الوصول إلى ميليشيا الدعم السريع المعادية، أو الميليشيات المساندة لها.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن المخطط الدولي لتفتيت السودان ماضٍ بقوة ويتجه لانتهاج مسار جديد تحت غطاء المساعدات الإنسانية بعد أن فشل سيناريو البندقية، وتبقى الفاشر مفتاحاً مهماً لبوابة إقامة دولة الميليشيا في دارفور ليعترف بها المجتمع الدولي وينفذ من خلالها أجندته الخبيثة، وهو وضع يلقي على عاتق القوات المسلحة والقوات المساندة مسؤولية الإسراع في حسم الميليشيا المتمردة عسكرياً وخلط أوراق المجتمع الدولي، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.