رأي
د. بابكر عبد الله محمد يكتب: (( نحو منهجيات قاصدة لتجديد الفكر الاسلامي )) مراجعة و نقد موضوعي للصوفية والتصوف في السودان (( ٢ )) المنشور الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
(( نحو منهجيات قاصدة لتجديد الفكر الاسلامي ))
مراجعة و نقد موضوعي للصوفية والتصوف في السودان (( ٢ ))
المنشور الرابع
الاثنين ٤ نوفمبر ٢٠٢٤م
مواصلة للمنشورات السابقة حول ضرورة تجديد منهجيات التفكير الاسلامي لاحداث التحول الاسلامي المامول و الراشد نحو تحقيق الاهداف الكلية الفلسفية للاسلام…
وقبل ان نوجه النقد للتصوف بغرض اصلاحه . دعونا نلقي نظرة فاحصة ومتانية في تاريخ التصوف في الأديان التي سبقت الاسلام . والمقتضيات والقضاء والقدر الرباني والمرسوم مسبقا لجعل الاسلام خاتم الأديان والرسالات وليظهره علي الدين كله .
تاريخيا تشير العديد من المصادر الي ان التصوف في اليهودية والمسيحية قديم وليس حادثا في الاسلام وحده دون سائر الاديان الاخري . وخلاصة الفكر الصوفي في اليهودية والمسيحية يتمحور حول الهدف النهائي في الوصول إلى حالة الطهارة والاستفادة من الكتب المنزلة لإعادة ترميم الانسجام مرة أخرى بين الخالق ومخلوقاته والتي حطمها وهدمها سيدنا آدم عليه السلام بخطيئته كما يدعون.. ويشير ماهر فايز استاذ الموسيقي المصري : ان التصوف موجود في المسيحية ويختلف عن التصوف الإسلامي وفي العقيدة وأكد ماهر فايز الكاتب والموسيقي المصري على وجود الصوفية في المسيحية وأنها تُدرس من قبل الكاثوليك وهم أكبر طائفة مسيحية وتضم عددا من الحركات الصوفية المعترف بها ، بينما يُدرس علم اللاهوت الصوفي في كليات اللاهوت. ولا أريد أن افصل في ذلك كثيرا ..لان التفصيل في منشور قصير قد يقودنا الي افكار متعددة ومتباينة .
و يعود التصوف المسيحي إلى القرون الميلادية الخمسة الأولى قبل الاسلام ، عندما ظهرت مجموعة من الروحانيين المسيحيين ذكرهم التاريخ المسيحي بعد ذلك على أنهم معلمو اللاهوت الروحي وهم أوريغانوس، وأنطونيوس، وباسيليوس الكبير، وغريغوريوس أسقف نيصص، وغريغوريوس الثيؤلوغوس، وأمبروز وأوغسطينوس. وهؤلاء معظمهم من الفلاسفة والمفكرين المتصوفة في الدين المسيحي في اليونان وروما ..
ومن بعض المظاهر المشتركة في الأديان كافة (( السبحة )) والتي تعد من احد مظاهر المتصوفة في السودان وهي السبحة (( Beads )) ذات المئة خرزة ومنها ذات الالف خرزة عند كبار المتصوفة من المشائخ وعلماء التصوف …
أما في اليهودية فكان للسبحة مكانة كبيرة في طقوس تعرف ب “الكابالا” او الشعائر الدينية المرتبطة بفلسفة الكون، وعرفت باسم “ماه بركوت” أي “البركات المئة”، وكانوا يستخدمونها للتسبيح 100 مرة بشكل متتابع.
وكان كبار النساء يستخدمن السبحة في الصلاة …وعند كبار النساء ما يعرف بالصلاة الوردية او الصلاة الكاثوليكية ..
( The old woman held the rosary and prayed )
او يقمن بما يعرف بالصلاة الوردية .
rosary (Catholic prayer)
وعبارة الورد تقودنا لمفهوم الورد المعروف لدينا في الفقه والعبادة في الإسلام … وورد هو اسم علم مذكر ومؤنث من أصل عربي، ومعناه هو الزهر المعروف بألوانه وعطره، والأسد الشجاع، والزعفران، والجواد الأحمر اللون الذي يميل إلى الصفرة.
وبخصوص معنى كلمة وِرد ، فالظاهر أن لها عدة معانٍ من جملتها ما ذكره صاحب لسان العرب، حيث قال: الورد: النصيب من القرآن، تقول قرأت وِردي، والجمع أوراد. إلى أن قال: ويقال لفلان كل ليلة ورد من القرآن يقرؤه، أي مقدار معلوم إما سُبع أو نصف أو ما أشبه ذلك. وثمة شئ اخر مشترك بين شعائر المتصوفة في الأديان…هو مفهوم الخاتم او التختم بلبس الاختام المصنوعة من الفضة الخالصة وفيها عبارات او آيات قرآنية. وعند الشيعة خاتم الفضة الذي ينحتون فيه عبارة (( يا ثار الله والحسين ))..وغيرها من التعاويذ من الكتب القديمة ..ولعل ذلك مرده قديم والخاتم والختمة تمثل صفة الدعاء إلى الله عز وجل، فالإنسان يستخدم الاسم الأعظم لله من أجل أن يسخر له الله ما يريد ، كما أنه كرامة أكرم الله بها نبي الله سليمان من أجل أن يكون قادراً على تسخير الأرض والرياح وجميع المخلوقات له من أجل أن يستطيع العيش على الدنيا حاكماً بأمر من الله عز و جل ، كما أن سره بقي أمرًا لم يعلمه أحد سوى الله. او خاتم النبوة والذي هو أحد علامات ودلائل نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وخاصية من خصوصياته الكثيرة ، التي كان أهل الكتاب يعرفونه بها ، ويسألون عنها ، ويطلبون الوقوف عليها ، وهو عبارة عن قطعة صغيرة من اللحم بارزة في جسده الطاهر الشريف ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، عند كتفه الأيسر، وقد جاء ذِكْره ووصفه في أحاديث صحيحة. وهذا قليل جدا من المشتركات بين اهل التصوف في الثلاث ديانات ..
.. وعطفا علي ما ذكر .ارجو ان اشير باختصار ما كتبه الاستاذ ابو الحسن الندوي في كتابه وسفره الهام (( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين)) وتناول فيه الشركيات والاوثان والاصنام في الجاهليه قبل الاسلام والذبح والنحر لغير الله تعالي مما يعد شركا وظلما للانسان لنفسه ..ولعل الشيخ ابوالحسن الندوي نقل الكثير منها من كتاب الاصنام ((للكلبي)) والذي نقل عنه بعض كتاب السيرة النبوية المشرفة …وخلاصة الفكرة التي انتوي ذكرها او مناقشتها في اصلاح المنهج الصوفي في الإسلام اني اريد ان اشير الي خطا المعالجة التي تمت في المعالجات اليهودية والنصرانية والتي حولت الديانيتين اليهودية والنصرانية الي صهيونية مادية متوحشة وافرغت البهودية والنصرانية الي اديان مادية مطلقة وحولت مجتمعاتهم الي مجتمعات مادية متوحشة وافرغتها تماما من روحانيات الدين الامر الذي عقد من حياة الناس تماما في الغرب وحولت غالبية الناس الي الإلحاد المطلق والتشكيك في وجود الخالق سبحانه وتعالي …
نحاول من اليوم في هذا المنشور البدء بنقد المنهج الصوفي في السودان وهذا مبتداه للمنشور القادم والذي نبدا فيها بتناول التصوف في السودان بالنقد والتحليل المختصر للتصوف في السودان .والذي تنتشر فيه الطرق الصوفية ولها سلطانها القوى على المجتمع السودانى واصبحت ذات بعد شعبي اجتماعي وسياسي خاصة في ولايات الوسط وغرب السودان وتقل الي حد ما في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل ، فتوجد فى السودان الكثير من الطرق الصوفية أشهرها: السمانية والتيجانية، والقادرية وهي الطرق ذات التاثير الاجتماعي السياسي والاجتماعي الاكثر ، وهذه الطرق منتشرة فى كل أرجاء السودان، وممتدة إلى دول الجوار من تشاد و نيجيريا ومصر ودول المغرب العربي …بل وامتدت حتي خارج السودان وفي الدول الاوربية كانتشار مقدر للطريقة البرهانية في المانيا كمثال . وبالنظر الي كيفية إصلاح هذا المنهج والذي ظهرت اثاره السلبية الواضحة من بعض مشائخ الطرق الصوفيه في وقوفهم من غير ان يدروا مع احداث السودان من حرب وعداء للاسلام في هذه الحرب الشرسة والمدعومة دوليا من اليهود واذنابهم في المنطقة وخاصة من بعض دول الخليج وليس كل دول الخليج .والتي استهدفت اقتلاع الإسلام والقرآن الكريم من جذوره في السودان .وسنجري تحليلات أوليه حول جذور التصوف في الإسلام من علماء وفلاسفة مثل الامام الغزالي والشيخ عبدالقادر الجيلاني والفيلسوف جلال الدين الرومي والشيخ محمد عبدالكريم السمان وعبدالرحيم البرعي اليمني وغيرهم من المتصوفة و ممن لهم تأثير وارتدادات في المنهج الصوفي في السودان .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته .
والله ولي التوفيق تابعوني في كل ذلك والي لقاء قادم متجدد بإذن الله تعالي
د.بابكر عبدالله محمد علي