رأي

أحمد الجبراوي يكتب: الاسراء والمعراج بين مشاهد التوحيد ومظاهر العظمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الاسراء والمعراج
بين مشاهد التوحيد ومظاهر العظمة

أحمد الجبراوى

حادثة الاسراء والمعراج من أعظم الحوادث التى سطرت فى تاريخ الإسلام فكانت تكريما للنبي عليه الصلاة والسلام مواساة وتسلية له صلي الله عليه وسلم بعد فقده لأم المؤمنين خديجة عليها الرضوان ووفاة عمه أبى طالب وما لقيه من عنت قومه وصد وأذى من أهل الطائف حتى قال 🙁 اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني وقد ضعفه بعضهم . فاستقبلته السماء وانفتحت له أبوابها و واسرى به روحا وجسدا لما دلت عليه النصوص “سبحان الذى اسرى بعبده” ولتغسيل قلبه وملئه حكمة وايمانا لاستقبال هذا الحدث الفريد بيد أنه لم يتفق اهل السير والتاريخ على توقيت محدد لهذا الحدث فتنوعت أقوالهم بين ربيع الأول ورجب ورمضان وغيرها.
ومما يستفاد من هذه الحادثة أمور من اعظمها مشاهد توحيد الله تعالى وربوبيته تعالى ثم عظمة الله في هذا الملكوت اللامتناهي ثم تكربم وتعظيم هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وغيرها مما يجدر ذكره في النقاط التالية :ِ-
١/ التوحيد أصل الدين:
‏إن أنبياء الله ورسله بعثهم الله إلى خلقه ليعرفوهم بالله، وكيف يعبدونه؛ ‏ليُعلموهم أن الله وحده هو المستحق للعبادة، قال تعالى: ﴿ ‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]. وهذا يعني أن رسالة الأنبياء واحدة، وأنهم جميعًا إخوة، وقد أكَّد رسول الله هذه الحقيقة في مناسبات عدة، منها: قوله عن نبي الله يونس “أخي كان نبيًّا، وأنا نبي” تفسير القرطبي.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: “أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ” رواه البخاري. والعَلات بفتح المهملة: الضرائر. وأصله أن من تزوج امرأة ثم تزوج أخرى كأنه عَلَّ منها. والعلل: الشُّرب بعد الشرب. وأ‏ولاد العلات: الإخوة من الأب. أي أن شرائعهم متعددة، وأصل الدين واحد هو التوحيد. وجاءت ليلة الإسراء والمعراج تؤكد المعنى السابق، فوجدنا أن العبارة التي رددها الأنبياء عليهم السلام ترحيبًا بسيدنا محمد حين استقبلوه في السموات العُلا هي: “مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ” رواه البخاري كما أن معجزة الاسراء والمعراج تركز على قيم التوحيد باثبات ربوبيته قدرة وقهرا وارادة وتعميق عبودية الله استجابة وقياما بها لله تعالى. ولأسمائه وصفاته ايمانا واثباتا و تنزيها على نحو ما كان عليه الصدر الاول ومن اعمق ما تدل عليه الحادثة إثبات العلو للعلى الغفار وغيرها من معانى العقيدة.
٢/معية الله
والتى تكون لاوليائه وحزبه فالحادثة شاهدة على رعاية الله وحفظه لرسوله فبعد أن ضاق عليه الحال في الارض واشتد عليه الأذى وفقد النصير والمؤازر كلأته عناية الله وانفتحت له أبواب القرب وكلمه ربه وناجاه وشاهد من ملكوت الله وعظمته
ما عوضه عن كل ذلك فمعية الله لا تتخلى عن عباده فليحسن العبد الظن بالله وليكن أوثق بالله مما فى يده “كلا ان معي ربى سيهدين”.
٣/تجذير الإيمان بالغيب
وهو من الشواهد المهمة فى الرحلة إذ اطلع الله خليله على الكثير مما يؤمن به غيبا فجمع الله له الانبياء واراه الجنة وما فيها من النعيم والنار وما فيها من العذاب وعقوبات بعض المعاصى وغيرها مما يعمق لدى المسلم إيمانه بهذه الغيبيات ويجدده له .
٤/ ذكر الله على كل حال:
وذلك فى الإشارة المفتاحية لسورة – بنى اسرائيل – “الاسراء” “سبحان ” ففيها التنزيه والتعظيم والإجلال لله تعالى فعلى الأمةَ أن تتعلم درس التسبيح والتعظيم والتمجيد لله عز وجل بأن تعيش الأمة مسبحه وتظل موصولة بذكره وتسبيحه عز وجل، ولتنسجم مع موكب الكون كله المسبح لله : ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ الإسراء 44
٥/شرف العبوديه
يقول المولى سبحانه ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ والعبودية شرف وسمو خوطب بها رسولنا الكريم فى مواضع عظيمة منها هذه ومنها إنزال الكتاب وموضع التحدى وموضع القيام بالدعوة
كما أن السياق قد اتى بكلمة عبده ليلفتنا إلى أن الإسراء بالروح والجسد ولم يكن منامًا، فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة، وعطاء ما بعده عطاء وإن العبودية لله شرف، وعز ورفعة ولقد خُيِّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم – بين أن يكون نبيَّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فاختار أن يكون عبدًا رسولاً وبهذه العبودية وصل رسول الله- صلى الله عليه وسلم – إلى مكانٍ لم يصل إليه ملكٌ مقربٌ ولا نبي مرسل، بل كان رسول الله يجتهد أن يصل إلى هذه العبودية الحقة بقيامِ الليل حتى تورمت أقدامه فلما أشفقت عليه زوجه عائشة- رضي الله عنها- وقالت: يا رسول الله هون على نفسك فأنت الذي غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. فقال المعصوم- ” -: ” يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا” رواه مسلم بل طلبَ من أمته ذلك؛ فقال – صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله”.
و ليعلم كل مسلم أن التمكين والنصر والتأييد والأمن لا يكون إلا لعباد الله عز وجل المخلصين قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ (النور: من الآية 55).
٦/ الاطلاع على عظمة وقدرة الله تعالى:
ان الاسراء والمعراج يحمل عددا من الأدلة والبراهين على عظمة الله وقدرته مما يعمق من مفهوم الاجلال والتعظيم للرب تعالى فالاعجاز فى الوصول اسراء لبيت المقدس والعروج إلى السماوات والعودة فى ذات الليلة تبديلا لنواميس الكون وقوانين الجاذبية وتجاوزا لما يعرفه البشر عن قوانين السرعة واختراق عوالم السماء دليل وإعجاز . ومقابلة الاتبياء والصلاة بهم آية ومقابلة بعضهم فى كل سماء مرة اخرى برهان ثم مشاهدة الجنة والنار وأحوال أهلها والاطلاع على عقوبة بعض العصاة كآكلى الربا والزناة و غيرهم عبرة وتخويف وغيرها من وجوه العظمة والعظة وتجليات الربوبية ونفحات القدرة مما يثبت جنان المسلم و يوثق صلته بربه.
٧/ منزلة المسجد: الأقصى في الإسلام:
للمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين ارتبطت بعقيدتهم منذ بداية الدعوة. فهو يعتبر قبلة الكثير من الانبياء قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو القبلة التي استقبلها وصلى إليها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتم تغير القبلة إلى مكة. وقد توثقت علاقة الإسلام بالمسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج حيث أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفيه صلى النبي إماما بالأنبياء ومنه عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء.
ويعتبر المسجد الأقصى هو المسجد الثالث الذي تشد إليه الرحال، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إن المساجد الثلاثة الوحيدة التي تشد إليها الرحال هي المسجد الحرام، و المسجد النبوي والمسجد الأقصى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى “. صحيح البخاري.
قال أحمد شوقي:
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكه
والرسل في المسجد الأقصى على قدم
لما خطرت بهم التفوا بسيدهم
كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر
ومن يفز بحبيب الله يأتم
حتى بلغت سماء لا يطار لها
على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته؟
ويا محمد هذا العرش فاستلم

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم :
” لَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِى عَنْ مَسْرَاىَ فَسَأَلَتْنِى عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا. فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ قَالَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ مَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ وَقَدْ رَأَيْتُنِى فِى جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّى فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – قَائِمٌ يُصَلِّى أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – قَائِمٌ يُصَلِّى أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ – يَعْنِى نَفْسَهُ – فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَمْتُهُمْ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاَةِ قَالَ قَائِلٌ يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِى بِالسَّلاَمِ “.صحيح مسلم
وفي هذا دلالات منها أن الإسلام هو دين الله إلى خلقه، ودليل على عالمية الإسلام، وعموم رسالة محمد، وأنه حامل لواء الهداية للخلق جميعًا، تحمَّلها سيدنا رسول الله بأمانة وقوة، وقام بحقها على خير وجه، ثم ورَّثها لأمته من بعده، وبذلك أصبحت خير أمة أخرجت للناس، ومسئولة عن إقامة حُجَّة الله على خلقه جميعًا، كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].
ومما يجدر ذكره هنا أن الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك و صونه وحمايته من آكد الواحبات على الأمة توحيدا لجهودها ودفعا للصائل المعتدى عليه وحماية لأهله واكنافه ويجب ألا تتقاعس الامة عن هذا لواجب وهذا االشرف أبدا.
٨/عظمة الرسول الكريم :
ان معجزة الاسراء والمعراج آية على عظمة الرسول وانه سيد ولد آدم وخيرة خلق الله و يتجلى ذلك فى إمامته للرسل وتجاوزه لسدرة المنتهى وسماعه لصرير الأقلام كما روى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه، وفيه: ” ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام”. وقد ذكر بعض أهل العلم آثاراً تفيد أن جبريل فارق النبي صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى، ومن ذلك ما نقله النووي عن القاضي عياض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات”. ومنها كذلك ما حكاه ابن عاشور في تفسيره عن مقاتل في قوله تعالى: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ[الصافات:164]. والله أعلم ثم من دلائل عظمته تكريم الرب له وفرض الصلاة عليه وعلى أمته واعطى ذلك المقام حقه ووصفه الله بصفة الادب فى قوله :”ما زاغ البصر وما طغى” وغيرها من الوجوه وكل ذلك يعضد إيمان المسلم ويجعله شاكرا لله ان اختاره وجعله تابعا لأعظم رسول وأفضل كتاب وأعظم قبلة وخير امة مما يعينه على أداء الشرائع.
٩/انتقال الريادة الحضارية لأمة الإسلام:
كانت الريادة الدينية لبنى إسرائيل فى السابق فلما أريد أن تكون هذه الامة هى الخاتمة للأمم والرسالات وتكون رائدة للأمم والحضارة الانسانية جمع الله الرسل فى ليلة الاسراء وقدم جبريل امين الوحى عليهم النبى عليه السلام فى إشارة واضحة لهذا المعنى كما أن سورة بنى اسرائيل “الاسراء” لم تتكلم عن بنى اسرائيل إلا فى بضع آيات ثم شرعت فى الكلام عن قواعد البناء الحضارى للامم من ترسيخ لمنظومة القيم والاخلاق وقواعد السلوك الاقتصادى والاحتماعى واتصال الدنيا بالآخرة وغيرها مما ذخرت به هذه السورة المباركة فى إشارة إلى أن بنى اسرائيل تخلوا عن هذه القيم وجاء دور هذه الامة لتقوم بهذه الواجبات عبودية لله و نهضة للانسانية وريادة للامم
١٠/ الإسلام دين الفطرة:
وقد ظهر ذلك في اختيار النبي – صلى الله عليه وسلم – اللبن على الخمر، وبشارة جبريل – عليه السلام – للنبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: هُدِيت إلى الفطرة، ففي ذلك دلالة على أن الإسلام هو الدين الذي يلبي نوازع الفطرة في توازن بين الروح والجسد، والمصالح والمفاسد، والدنيا والآخرة، فلو أن الفطرة كانت جسما ذا طول وأبعاد، لكان الدين الإسلامي الثوب المفصل على قدره، وهذا من أهم أسرار سرعة انتشار الإسلام وإقبال الناس عليه، رغم ما يوضع أمامه من عوائق وعقبات.. قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الروم: 30)
١١/ أهمية الصلاة ومنزلتها في الإسلام:
وذلك أن الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي فرضت ليلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة وبدون واسطة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “…ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ، قلت: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي – وَاللَّهِ – قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ، فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ؛ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ! قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى، وَأُسَلِّمُ.فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ:”أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عبادى”. البخاري . بالصلاة ماراح العبد إلى ربه وحرى به المحافظة عليها واقامتها كما ينبغى وامر أهله بها .
١٢/ اليقين ردا للشبهات
فحينما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة الإسراء والمعراج وقص على قريش ما حدث، انطلق نفرٌ منهم إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر، فقال لهم: ” لئن كان قال ذلك لقد صدق” وهو دليل على أن المسلم يثبته يقينه عند ورود الشبهات إذ أنها عديدة ومتجددة وبالتالى فهو يردها بما عنده من اليقين “وكانوا بآياتنا يوقنون” وهو امر مهم للمسلم اليوم وقد احتوشته شبهات اهل الباطل تشكيكا وتكذيبا وايهاما فهو يرد تفاصيل ما عندهم بجملة ما عنده من الايمان والتصديق.
وهكذا كان الإسراء والمعراج رحلة مباركة واعجازا عظيما تتجدد معانيها مع تجدد الايام ويستفيد منها المسلم مع تغير الاحوال فياخذ منها ما يغذى روحه ويعمق إيمانه ويصله بربه وبمتابعة رسوله وويعرفه بدينه ويربطه بأمته .
والحمدلله رب العالمين
وجمعه:
أحمد الجبراوى المحامى
الدوحة
رجب ١٤٤٦هـ

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى