رأي

سيف الدين فضل الله يكتب: الحل في محاورة الشباب

الحل في محاورة الشباب
بقلم: سيف الدين فضل الله
في البدء نترحم على أرواح الشباب التي فاضت، ونسأل الله ان يتقبلهم عنده في عليين، ونتمنى عاجل الشفاء للجرحي والمصابين منهم، ولكل القوات النظامية على حد سواء ، نقول هذا من منطلق وطني خالص لأن كل قطرة دم تسيل هي عزيزة علينا، وخسارة لوطننا السودان.
* من الواضح أن حراك الشارع لن يتوقف والشباب الثائر لن يهدأ، وأن القمع لن يزيده الا إصراراً وعزيمة ويرفع من سقف مطالبه كلما ازداد عدد الضحايا والمصابين، وفي تقديري ان هذا الشباب الثائر اصبح الرقم الصعب والطرف الاقوي في المعادله السياسيه الان ، نقول هذا لانه حتي بعد انقلاب البرهان او لنقل قرارته التصحيحيه، وعودة حمدوك باتفاقه السياسي، كل ذلك لم يفلح في تهدئة هذا الحراك الشبابي الثائر، وهذا يعني فيما يعني ان هؤلاء الشباب قد تجاوزوا كل اطراف العمليه السياسيه ، وانهم تجاوزوا ايضا كل الاتفاقات والمقاربات السياسيه، مبادرات الاحزاب التي تطرح هنا وهناك، وحتي استقالة حمدوك التي يلوح بها الان، كل ذلك اصبح لا يعنيهم ، ولم يغير من حراكهم الثوري في شئ .
* وعليه فان الأحزاب السياسيه أصبحت عملياً خارج المعادلة السياسية الجارية الان ، وأن دورها ( النضالي ) أصبح يقتصر فقط في تقديم المبادرات وإطلاق التصريحات في الميديا والقنوات الفضائية، من باب انا اصرح اذن انا موجود، كما ان ميل قادة تلك الأحزاب للتحدث باسم هؤلاء الشباب الثائر، ومحاولة استمالتهم للإستقواء بهم أمام المكون العسكري، انما هي محاولة فاشلة للكسب السياسي لا تفوت على فطنة الجميع، لجهة انه ليس لديهم وجود فعلي ولا كلمة مسموعة وسط هذا الشارع الشبابي.
اذن المعركة الآن أصبحت بين طرفين لا ثالث لهما، هما الشارع الشبابي من جهة والمكون العسكري بكل مسمياته من الجهة المقابله، واخشي على السودان ان طالت هذه المعركة ( الصفرية ) في حالة اصرار كل طرف على فرض سياسية الأمر الواقع على الطرف الاخر ، ونقول انها معركة صفرية عطفاً على أن المكون العسكري يملك السلاح وأدوات القمع، بينما يتسلح الشباب الثائر بالعزيمة والتحدي ومواجهة الموت بصدور عارية ان تطلب الامر ذلك ، اذن لا مهزوم هنا ولا منتصر، والخاسر الوحيد هو الوطن للأسف الشديد .
* ويبقى الحل الوحيد في تقديري بأن يتجاوز المكون العسكري كل الأحزاب والمكونات السياسية، وأن يدخل في حوار مباشر شفاف مع هذا الشباب الثائر ، يستمع لآرائهم ومطالبهم، والدخول معهم في شراكة سياسية تمكن من العبور بالفترة الانتقالية لنهايتها وصولاً للإنتقال الديمقراطي المنشود .
* وبالمقابل على الشباب الثائر أن ينظم صفوفه ويختار قيادات له من كل الولايات، مع ترتيب أولويات مطالبه، لأن التظاهر بصورته الحاليه بدون مطالب واضحه ولا قيادات تقوده وتتفاوض عنه، يبقى حراك بلا هدى ولن يفضي الى نتيجة وأن طال أمده وزادت أعداده.
* وعلى الطرفين في حالة تحقق ذلك وجلسا معا للتفاوض، ان لا يغالي كل طرف في مطالبه، وأن يتم ترتيب تلك المطالب وفق أولويات الأهم أولا ثم المهم، بحيث نضمن حد أدني من التوافق يجنب بلادنا من أن تنزلق الى ما لا يحمد عقباه.
* وآخيراً أعلم ان حديثي هذا ربما يغضب الأحزاب والمكونات السياسية، ولكنها تبقي الحقيقة المرة أن الشباب الثائر قد كفر بتلك الأحزاب ولم تعد محل ثقته، وإن المكون العسكري أيضا يتمنى أن يتفاوض مع الطرف الأقوى في الساحة، والذي إن تمكن من التوافق معه، سيتنفس الصعداء ويرتاح من عناء المليونيات المتواصلة وما يصاحبها من تفلتات وسيوله أمنيه، ويحقق بذلك أهدافه في حماية الفترة الإنتقالية حتى مرحلة الانتخابات، وتسليم البلاد لحكومة منتخبه.
كل عام والسودان وأهله في أمن وسلام….

أحمد حسين محمد

رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى