ياسر الفادني يكتب في من أعلى المنصة: دستور نيروبي… فقاعة صابون تنتظر الإنفجار !

من أعلي المنصة
ياسر الفادني
دستور نيروبي… فقاعة صابون تنتظر الإنفجار !
في نيروبي، حيث يجتمع الهاربون من هزائمهم لينسجوا الأوهام على طاولات الفنادق الفاخرة، وُلد مسخٌ جديد يحمل اسم “دستور السودان الجديد.” جاء هذا الدستور في لحظة إرتباك، كأنهم عثروا عليه في كومة أوراق مهملة، فقرروا أن يجعلوه شهادة ميلاد لوهم جديد
أبطال المسرحية؟ نفس الممثلين الذين غيروا الأقنعة مرات ومرات. قحت؟ لا، لقد أصبحت “تقدم”، ثم تحولت إلى “تحالف السودان التأسيسي”. تغيير المسميات لا يخدع أحداً، فالوجوه نفسها، والحيل نفسها، والخداع هو ذاته، والنتيجة دائماً واحدة: صفرٌ كبيرٌ بحجم خيباتهم.
لكن قمة الكوميديا السوداء في هذا الدستور جاءت في تلك الفقرة العجيبة التي تحاول تجميع شظايا المليشيا المهزومة وصبغها بلون الجيش الوطني! وكأن الدولة يمكن أن تُبنى من فلول مرتزقة، أو كأن التاريخ لم يكتب بعد كيف انهارت هذه التشكيلات أمام القوات المسلحة كجدار من الرمال ضربته الرياح العاتية
يتحدثون عن نواة للجيش الوطني! أي جيش؟ جيشٌ قوامه الدعم السريع الذي احترق في معركة الخرطوم؟ أم جيش الحركات المسلحة التي قضت سنوات تتفاوض في الفنادق بدلاً من ميادين القتال؟ هذا ليس جيشاً، هذه سوق لبيع الولاءات لمن يدفع أكثر، وحين تجتمع العصابات، فإنها لا تؤسس وطناً، بل تدير مزاداً جديداً للخيانة
لقد ماتت الوثيقة الدستورية من قبل، موتاً سريرياً، وماتت قحت بعدها، وها هو دستور نيروبي يخرج إلى الدنيا كرضيع بلا نبض، ينتظر من يدفنه قبل أن يتعفن ،لا حاضنة لهذا المسخ، ولا فرصة لينجو، لأنه ببساطة ليس سوى صدى لفرفرة مذبوح يحاول النجاة وهو يعلم أن السكين قد وصلت إلى العظم
إني من منصتي انظر ….حيث اقهقه ساخرا من تحالف السودان التأسيسي، بل تحالف من سقطوا في إمتحان الوطنية لأنهم يظنون أن تغيير الأسماء سيمنحهم حياة جديدة، لكن الأسماء لا تصنع الأبطال، والأقنعة لا تخدع من رأى وجوه الخيانة من قبل.