ياسر الفادني يكتب في من اعلى المنصة: القلم مابزيل بَلَم !!

من أعلى المنصة
ياسر الفادني
القلم مابزيل بَلَم !!
هناك أناس كتبوا أسماءهم في دفتر الغباء بحبرٍ لا يمحى، يمشون بين الناس وكأنهم حملة مشاعل الحكمة، بينما هم في الحقيقة ينفخون في (قِِرَب) مقدودة حتى تورم خدودهم وتفوح من أفواههم رائحة الخيبة، أولئك الذين أشعلوا الحرب ثم قفزوا من المركب قبل أن يصل الطوفان، يركضون بين العواصم بحثًا عن وهم جديد يبيعونه لأنفسهم قبل أن يبيعوه للعالم
قحت وأخواتها، هذه السلسلة التي كل يوم تُنجب مسمّى جديدًا، كما تنجب (الخنزيرة) العجفاء خنزيرا هزيلاً، تتقافز بين جدة وتأسيس وصمود، ثم تربط على ظهر الرباعية، لتسقط جميعها سقوطًا يستحق التصفيق من فرط الكوميديا السوداء، حتى “فيلق البراء” الذي وضعوه على الطاولة لم يكن إلا فقاعة صابون تتبخر قبل أن تلمسها الشمس
خبراؤهم الذين يكتبون على الورق، يسكبون الحبر كما يسكبه طفل على كراسٍ مبلول، والعسكر الذين يلحقون أوهامهم يمضون إلى حتفهم كما تمضي الحشرة المبهورة نحو اللهب، لتلقى موتها في لحظة زهو غبي، أما الذين جاءوا إليهم عبر الطرق (الكولمبية) !! فمصيرهم كمصير كل من ركب حافلة الجنون دون تذكرة عودة
هم هناك، خارج السودان، يحصدون السراب ويغطّون في نومٍ وردي تحت ناموسيات كحلية، يستيقظون على وقع صفعة الواقع، فيقلبون أكفهم على ما أنفقوا، بينما كبيرهم الذي علّمهم السحر، يخسر الرهان مرة تلو أخرى وهو ما زال ينفخ في تلك القِربة التي لن تمتلئ أبدًا
في المقابل، القيادة السودانية تمضي بوقودها الحقيقي: شعبٌ التف حولها، ولفظهم كما تلفظ الخيول الأصيلة العلف الفاسد، الفرق هنا واضح بين من يتعلم من الجحر فلا يلدغ مرتين، ومن يكررها حتى يتحول وجهه إلى خريطة كدمات و ألم
إني من منصتي أنظر …حيث أرى… العترة التي لا تصلح المشي، والقربة التي لا تمتلئ، والقلم الذي يكتب بلماً، كلها نهايات طبيعية لمن قرر أن يجعل الغباء مبدأً، وأن يضع رأسه في الرمل وهو يصرخ: أنا أرى كل شيء!، بينما العالم كله يراه يرقص على إيقاع هزيمته.